في غير موضع النص.
والعرف عندهم ما اعتاده الناس من معاملات واستقامت عليه أُمورهم ، وهذا يُعدّ أصلاً من أُصول الفقه ، ولذلك ذكر الفقهاء من الحنفية والمالكية : أنّ الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي.
ويقول السرخسي في «المبسوط» : الثابت بالعرف كالثابت بالنص. ومعناه أنّ الثابت بالعرف ثابت بدليل يعتمد عليه كالنص حيث لا نص.
وقالوا أيضاً : العرف شريعة محكمة ، والعرف المعتبر ما يخصّص به العام ويقيد المطلق. (١)
يقول محمد أبو زهرة في حقّ العرف من منظار الحنفية والمالكية : إنّ العلماء الذين يقرّرون أنّ العرف أصل من أُصول الاستنباط ، يقرّرون أنّه دليل حيث لا يوجد نصّ من كتاب أو سنّة. وإذا خالف العرف الكتاب ، أو السنّة ، كتعارف الناس في بعض الأوقات تناول بعض المحرمات كالخمر ، وأكل الربا ، فعرفهم مردود عليهم ، لأنّ اعتباره إهمال لنصوص قاطعة ، واتّباع للهوى وإبطال للشرائع ، لأنّ الشرائع ما جاءت لتقرير الفساد.
ثمّ قال : إنّ العرف قسمان : عرف فاسد لا يؤخذ به ، وهو الّذي يخالف نصاً قطعياً ، فإنّ هذا يرد ؛ والقسم الثاني عرف صحيح ، فإنّه يؤخذ به ويعتبر الأخذ به أخذاً بأصل من أُصول الشرع. (٢) +
ما أفاده الأُستاذ أبو زهرة من تخصيص حجّية العرف في مجال ما لا نصّ فيه
__________________
(١) (رسائل ابن عابدين : رسالة نشر العرف التي فرغ منها عام ١٢٤١ ه ، ومصادر التشريع الإسلامي فيما لا نصّ فيه للشيخ عبد الوهاب خلاف مطابع دار الكتاب العربي وغيرهما.)
(٢) أُصول الفقه : ٢٥٥.