التكوين والتشريع عن أيّ غاية وغرض ، لكن ظهر في القرن الخامس والسادس وما بعده رجال من الأشاعرة أنكروا هذا الأصل وطرحوا نظرية «مقاصد الشرائع الإسلامية» وأنّ لتشريعات القرآن والسنّة غايات وأغراضاً. وإليك أسماء من اختمرت تلك الفكرة بأيديهم في العصور السابقة :
١. أبو المعالي الجُويني الملقّب بإمام الحرمين (٤١٩ ٤٧٨ ه) مؤلف «البرهان في أُصول الفقه» ، و «الشامل في أُصول الدين» وسيوافيك كلامه.
٢. محمد بن محمد المعروف بالغزالي (٤٥٠ ٥٠٥ ه) مؤلف «المستصفى في أُصول الفقه» و «إرشاد الفحول إلى علم الأُصول» وسيأتي كلامه.
٣. أبو إسحاق بن إبراهيم بن موسى الغرناطي المالكي المتوفّى سنة (٧٩٠ ه) فقد خصّص تمام الجزء الثاني من كتابه «الموافقات» لبيان المقاصد العامة للتشريع ، وهو أوّل من كتب في الموضوع بإسهاب ، وقورن اسمه ب «مقاصد الشريعة».
هذا ما وقفنا عليه ممّن أكّدوا على هذا الموضوع خلال القرون السابقة.
لكن طرأ الركود على البحث خلال فترة زمنية لا يستهان بها استمرّت إلى بداية القرن الرابع عشر حيث أخذ البحث ينتعش من جديد ، وذلك بالبيان التالي :
عاش الشيخ محمد عبده (١٢٦٦ ١٣٢٣ ه) في الأزهر الشريف بين شيوخ لا يقيمون للعقل وزناً ، ويصفون الدين بالتزمت والتعبدية المحضة ولا يخضع للعقل أبداً ، وقد بلغ تحجّرهم إلى حدّ لو تفوّه أحد منهم بالعلّية بين الظواهر المادية ، أو بأثر الطبيعة يحكم عليه بالكفر وكانوا يردّدون بألسنتهم قول القائل :