وإن كان فيه تضحية بالنفس.
كما أنّه إذا دار الأمر بين حفظ النفس والعقل ، فحفظ النفس أهمّ من حفظ العقل ، فلو أصيب بمرض لا يعالج إلّا بشرب الخمر ، يجب عليه شربه حفظاً للنفس وإن كان فيه إزالة للعقل بشكل مؤقّت.
ولو دار الأمر بين الاعتداء على العرض وقتل النفس فيجوز له الاعتداء لحفظ النفس ، كما أنّه لو دار الأمر بين حفظ العرض والاعتداء على مال الغير يجب الثاني حفظاً للعرض.
نعم ما ذكرناه هو الضابطة الغالبة ، ولكن ربما ينعكس الحكم ، فلو أكره عالم مُطاع على شرب الخمر على رءوس الأشهاد وهُدّد بالقتل على تركه فلا يجوز له شربه ، لأنّ في ذلك زعزعة لإيمان الناس وهدماً لعقيدتهم.
وبذلك يعلم أنّه إذا كان هناك تزاحم بين الضروري والحاجي ، يقدّم الأوّل على الثاني ، فلو كان في إتيان الواجبات كلفة ومشقة فيقدّم الأوّل وتتحمّل المشقة ، وإلّا لزم ترك الفرائض والنوافل بحجّة أنّ فيها مشقة وقد تقدّم أنّ عدم الحرج من الحاجيات ولا يتحمل إلّا إذا دار الأمر بينه وبين الامتثال لأحكام الدين.
ثمّ إنّه إذا دار الأمر بين الحاجي والأمر التحسيني فيقدّم الأوّل ، ولذلك اغتفرت الجهالة في المزارعة والمساقاة لحاجة الناس إليهما وإن كان فيها ترك التحسينات. هذه هي النتائج المترتبة على التعرف لمقاصد الشريعة ، وقد عرفت أنّها ثمرات غالبية ، وربما يطرأ على المورد عنوان آخر يوجب قلب الحكم.