ثمّ إنّ المستنبط إنّما ينتهي إلى تلك القواعد التي تسمى ب «الأُصول العملية» إذا لم يكن هناك دليل قطعي ، كالخبر المتواتر ، أو دليل علمي كالظنون المعتبرة التي دلّ على حجّيتها الدليل القطعي وتسمّى بالأمارات والأدلّة الاجتهادية ، كما تسمّى الأُصول العملية ، بالأدلة الفقاهية ، وإلّا فلا تصل النوبة إلى الأُصول مع وجود الدليل.
وبذلك تقف على ترتيب الأدلّة في مقام الاستنباط ، فالمفيد لليقين هو الدليل المقدّم على كلّ دليل ، ويعقبه الدليل الاجتهادي ثمّ الأصل العملي.
إنّ الأُصول العملية على قسمين :
القسم الأوّل : ما يختصّ بباب دون باب ، نظير :
أ : أصالة الطهارة المختصة بباب الطهارة والنجاسة.
ب : أصالة الحلّية المختصة بباب الشك في خصوص الحلال والحرام.
ج : أصالة الصحة المختصة بعمل صدر عن المكلّف وشُكّ في صحّته وفساده ، سواء أكان الشكّ في عمل نفس المكلّف فيسمّى بقاعدة التجاوز والفراغ ، أو في فعل الغير فيسمّى بأصالة الصحّة.
القسم الثاني : ما يجري في عامة الأبواب الفقهية كافة وهي حسب الاستقراء أربعة :
الأوّل : البراءة.
الثاني : التخيير.
الثالث : الاشتغال.
الرابع : الاستصحاب.
فهذه أُصول عامّة جارية في جميع أبواب الفقه ، إنّما الكلام في تعيين مجاريها