الخلاف الجامع مع الظن بالبقاء.
وأمّا المتأخرون فلم يعتبروه أمارة ظنية بل تلقّوه أصلاً عملياً وحجّة في ظرف الشك ، واستدلّوا عليه بروايات ستوافيك.
الثاني : الاستصحاب مسألة أُصولية لا قاعدة فقهية ، وذلك لأنّ المعيار في تمييز المسائل الأُصولية عن القواعد الفقهية هو محمولاتها.
توضيحه : انّ المحمول في القواعد الفقهية لا يخلو إمّا أن يكون حكماً فرعيّاً تكليفيّاً كالوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ، أو حكماً فرعيّاً وضعيّاً كالضمان والصحّة والبطلان. مثلاً قوله : «كل شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام» قاعدة فقهية بحكم أنّ المحمول هو الحليّة ، التي هي من الأحكام الفرعية التكليفية ، كما أنّ قوله : «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» قاعدة فقهية ، لأنّ المحمول فيها هو الضمان وهو حكم وضعي ، ومثله قوله : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمس : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود». (١) فإنّ المحمول هو البطلان في الخمسة والصحّة في غيرها. هذا هو ميزان القاعدة الفقهية.
وأمّا القاعدة الأُصولية فتختلف محمولاً عن القاعدة الفقهية ، فالمحمول فيها ليس حكماً شرعياً تكليفياً أو وضعياً ، بل يدور حول الحجّية وعدمها ، فنقول : الظواهر حجّة ، الشهرة العملية حجّة ، خبر الواحد حجّة ، أصل البراءة والاحتياط والاستصحاب ، كلٌّ حجّة في ظرف الشك.
وإن شئت قلت : الغاية من إثبات الصغرى هي احتجاج المولى به على العبد. وروح المسألة عبارة عن كون الأمر حجّة في الوجوب أو لا.
الثالث : قد تضافرت الأخبار عن أئمّة أهل البيت (عليهمالسلام) مضمون «أنّ اليقين
__________________
(١) الوسائل : ٤ ، الباب ١ من أبواب قواطع الصلاة ، الحديث ٤.