اقتضائه للبقاء مع صرف النظر عن الرافع ، وقد قُرر في محلّه أنّه إذا تعذرت الحقيقة فأقرب المجازات أولى.
يلاحظ عليه : أنّه لم يثبت في اللغة كون النقض حقيقة في رفع الهيئة الاتصالية حتى لا تصح نسبته إلى نفس «اليقين» لعدم اشتماله عليها ، بل هو عبارة عن نقض الأمر المبرم والمستحكم سواء أكان أمراً حسيّاً أم قلبيّاً والشاهد على ذلك صحّة نسبة النقض إلى اليمين والميثاق والعهد في الذكر الحكيم ، قال سبحانه : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) (١) ، وقال سبحانه : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ) (٢) ، وقال سبحانه : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) (٣) ، واليقين كالميثاق واليمين والعهد من الأُمور النفسانية المبرمة المستحكمة فتصح نسبة النقض إليه ، سواء تعلق بما أحرز فيه المقتضي للبقاء أو لا ، والمصحح للنسبة هو كون نفس اليقين أمراً مبرماً مستحكماً ، سواء أكان المتعلّق كذلك ، كما في الشكّ في الرافع ، أم لم يكن كذلك كما في الشكّ في المقتضي.
اعتذار
هذا موجز الكلام في الأُصول العملية الأربعة التي هي المرجع عند عدم النصّ ، وقد اختصرت القول فيها غاية الاختصار ، وحذفت كثيراً من المباحث الهامة حولها والتنبيهات التي عقدها الأعلام لكلّ واحد منها. كلّ ذلك روماً للاختصار والغاية إيقاف غير العارف بأُصولنا على وجه الإيجاز.
__________________
(١) (النحل : ٩١.)
(٢) (النساء : ١٥٥.)
(٣) الرعد : ٢٥.