الثاني.
بيانه : انّ الغصب ان كان بالاستيلاء على ملك الغير الّذي لا يتحقق ذلك في فرض الاضطرار لأنّ المضطر محكوم. نعم يتصور في فرض الإكراه ، فلا يفرق فيه بعد الاستيلاء على مال الغير بين ان يجلس فيه أو ينام أو يبقيه في الدار مثلا. وامّا الغصب من حيث إشغال فضاء الغير فلا يفرق في مقدار ما يشغله الجسم من الفضاء اشكاله من الجلوس والنوم والقيام ونحوه ، وهذا امر مبرهن في الهندسة من انّ اختلاف شكل الجسم لا يوجب اختلاف مقدار ما يشغله من الفضاء ، مثلا الفضاء الّذي يشغله مقدار كر من الماء لا يختلف بين ان نجعله في ظرف مربع أو مثلث أو مستطيل وهكذا ، وعليه فالركوع أو السجود لا يزيد في مقدار إشغال المصلي لفضاء الغير ، وهكذا من حيث الحركة والسكون.
وامّا من حيث إشغاله للمكان فبالدقة وان كان يختلف مقدار ما يشغله الجالس عن ما يشغله النائم مثلا إلّا انّ ذلك بنظر العرف لا يعد تصرفا زائدا ، ولذا لم يقل أحد بأنّ من حبس في المحل المغصوب يجب عليه ان يقف على إصبع واحد فان عجز فعلى إصبعين ، وهكذا يقتصر على مقدار الضرورة. ولذا ذكر في الجواهر ما حاصله : انّ ذلك لو كان واجبا لكان نفسه أشد حبس على المحبوسين ، وعليه فيجب فيما نحن فيه على المصلي ان يأتي بالصلاة تامة لا إيماء.
وملخص ما تقدم : انه في مورد اجتماع الأمر والنهي بناء على الامتناع لا بدّ من رفع اليد عن إطلاق أحدهما ، فان قدمنا جانب الأمر وقيدنا به إطلاق النهي فلا إشكال في صحة الإتيان بالعبادة في ضمن المجمع ولا عصيان فيه أصلا ، وامّا لو قدمنا جانب النهي فلا بدّ من التفصيل بين صورة ثبوت النهي واقعا ، سواء كان منجزا بالعلم ونحوه أو لم يكن منجزا لجهل ونحوه ، فانّ الجهل لا يرفع التكليف على أصول المخطئة غاية الأمر ان يكون رافعا للعقاب وعذرا للمكلف ، وبين ما إذا سقط