الامتناع إذا كان بسوء اختيار العبد لا يمنع من ثبوت التكليف ، ومن ثم ذكرنا انّ التكليف بذي المقدمة فعلي قبل وجود مقدماته إذا كان اختياريا للمكلف.
الثاني : ان يكون كلا من الوجوب والحرمة فعليا ، كما في بقية موارد اجتماع الأمر والنهي.
الثالث : ان يكون متمحضا في الوجوب. وهذا أيضا على قسمين : امّا مع ثبوت العقاب فيه ، وامّا مع عدمه.
الخامس : ان لا يكون محكوما بحكم فعلي أصلا ، لا الوجوب ولا الحرمة ، غايته انه منهي عنه بالنهي السابق الساقط.
هذه ملخص الأقوال ، والعمدة منها الوجهان الأخيران ، فنقول :
امّا الوجه الأول ، ففيه : انّ النهي عن الخروج مع فرض حرمة البقاء وسائر التصرفات يكون تكليفا بما لا يطاق ، فما ذا يفعل المكلف حينئذ؟! وكون ذلك بسوء الاختيار لا يرفع استحالة التكليف بغير المقدور ، فانه نظير ان يقول المولى لعبده ، «إذا صعدت السطح فطر إلى السماء» فهل يمكن أن يقال : انّ تكليفه بالطيران الممتنع جائز إذا صعد السطح بسوء اختياره؟ نعم بقاء العقاب لا مانع منه عقلا.
وبهذا ظهر بطلان القول الثاني وذلك :
أولا : انّ الأمر بالخروج والنهي عنه تكليف بما لا يطاق وان حصل ذلك بسوء اختيار المكلف.
وثانيا : يكون ذلك مستلزما لاجتماع الضدين.
وثالثا : سنعرف انّ ثبوت الأمر لا مقتضى له أصلا ، وهذا مانع في مقام الوقوع لا الإمكان بخلاف الوجهين المتقدمين.
وامّا الثالث ، فأولا : لا مقتضى للأمر كما قلنا وستعرف.
وثانيا : انّ تعلق الأمر والنهي بشيء واحد مما لا معنى له بالقياس إلى المولى