العارف الملتفت وان كان زمان التكليفين مختلفا ، نعم عكس هذا ممكن بان يتعلق الأمر والنهي في زمان واحد بمتعلقين مختلفين من حيث الزمان ، وهذا مختص بالاحكام التكليفية.
وامّا الأحكام الوضعيّة فيمكن تعلق حكمين في زمانين مع اتحاد متعلقهما ، كما في بيع الفضولي على النقل ، فانا ذكرنا في محله انّ المبيع قبل حصول الإجازة يكون ملكا للمالك الأول حقيقة ، وبعد الإجازة يحكم بملكيته للمشتري من أول الأمر.
والفارق بين الأحكام التكليفية والوضعيّة من هذه الجهة هو : انّ التكاليف حيث انها متعلقة بافعال المكلفين فهي تابعة لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد ، والفعل الواحد لا يعقل ان يكون ذا مصلحة ومفسدة معا دون كسر وانكسار في البين ، فالمولى الملتفت لا بدّ وان يلاحظ متعلق حكمه من حيث المجموع ، فإن كان مشتملا على المصلحة يأمر به ، وان كان مشتملا على المفسدة ينهى عنه ، فالامر به في زمان والنهي عنه في زمان لا يناسب مقام الشارع نعم يمكن ذلك بنحو البداء في الموالي العرفية ، وهذا بخلاف الأحكام الوضعيّة ، فانها تابعة لمصالح في أنفسها ، فربما يكون جعل الحكم في زمان ذا مصلحة وفي زمان آخر جعل خلافه يكون ذا مصلحة ، وعليه فتعلق الأمر والنهي ولو في زمانين بمتعلق واحد يستحيل في تكاليف الشارع.
فهذه الأقوال الثلاثة بأجمعها فاسدة.
فبقي الكلام في القولين الأخيرين ، أي كون الخروج محكوما بالوجوب من دون ان يكون فيه عقاب أصلا ، أو عدم كونه محكوما بحكم رأسا غاية الأمر يكون المكلف معاقبا عليه بالنهي السابق الساقط ، نظير من ألقى نفسه من شاهق فانه في الأثناء لا يكون منهيا عن الوقوع على الأرض لعدم تمكنه من ذلك إلّا انه معاقب على ذلك بالنهي السابق ، أو من أطلق البندقية على مسلم فانه بعد ذلك لا يكون