معلولين لعلّة ثالثة ، وذلك لأنّ انتفاء العلّة ولو ببعض اجزائها مستلزم لانتفاء المعلول لا محالة ، وامّا انتفاء المعلول فلا يستلزم إلّا انتفاء العلّة التامة دون المقتضي أو هو مع الشرط ، فإذا فرضنا انّ الشرط معلول والجزاء كان مقتضيا له ، فانتفاء المعلول لا يستلزم انتفائه كما هو واضح ، لاحتمال ان يكون انتفاء المعلول لعدم الشرط ، أو لوجود المانع مع ثبوت المقتضى.
وبهذا ظهر الحال فيما إذا كانا معلولين لعلّة ثالثة ، وقد عرفت انه يمكننا استفادة هذا المعنى من تبعية مقام الإثبات للثبوت ، مضافا إلى انّ الغالب في القضايا الشرطية المستعملة في الأحكام الشرعية من هذا القبيل ، لأنّ الشرط فيها موضوع والجزاء حكمه ، والموضوع بمنزلة العلّة للحكم.
الثالثة : مما يعتبر في دلالة القضية الشرطية على المفهوم كون الشرط علّة منحصرة للجزاء ، وإلّا فلا يوجب انتفاؤه إلّا انتفاء المعلول من جهته لا مطلقا ، مثلا ورد في الاخبار «إذا بلت فتوضأ ، وإذا نمت فتوضأ» فإذا انتفى النوم مثلا لا يوجب إلّا انتفاء وجوب الوضوء من جهة النوم ، ولا ينافي ثبوته من ناحية البول.
فالعمدة في المقام إثبات دلالة القضية الشرطية على كون الشرط علّة منحصرة للجزاء. وأحسن ما قيل في ذلك هو استفادته من سياق الكلام. بيانه : انه ان قلنا : برجوع القيد إلى المادة كما عن الشيخ فلا دلالة للقضية على المفهوم ، لأنّ الحكم حينئذ غير معلّق على شيء لينتفي بانتفائه. وان قلنا : بأنه يرجع إلى الهيئة ، فان كان القيد قيدا عقليا ومما علق عليه الحكم واقعا سواء ذكر في القضية اللفظية أم لم يذكر فلا مفهوم لها أيضا ، إذ انتفاء الحكم حينئذ يكون من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع كما في المثال المعروف «ان رزقت ولدا فاختنه» فانّ بدون الولد لا معنى للختان ، ويعبر عن مثل هذه القضايا بما سيق لبيان الموضوع ، واما ان كان القيد قيدا غير معتبر في الحكم واقعا بل المولى أخذه فيه فمن إطلاق كلام المولى وأخذه