مفهومه موجبة جزئية ، أو انّ المنفي هو الحكم العام فيكون المفهوم موجبة كلية؟ وجهان بل قولان.
ذهب جماعة إلى الأول بدعوى : انّ نقيض السالبة الكلية هو الموجبة الجزئية ، والمفهوم هو نقيض المنطوق. وذهب بعض منهم الميرزا قدسسره (١) إلى الثاني ، وذكر انّ ما ذهب إليه المنطقي من انّ نقيض السالبة الكلية هو الموجبة الجزئية أجنبي عن مداليل الألفاظ ، لأنّ المنطقي غرضه انما هو جعل قواعد كلية ممهدة في مقام البرهان ، فلما رأى انّ الموجبة الجزئية هي التي تناقض السالبة الكلية بحيث لا يتصادقان ولا يتكاذبان ويستحيل اجتماعهما وارتفاعها فذكروا انّ نقيض السالبة الكلية هو الموجبة الجزئية دون غيرها ، وهذا لا ربط له بظهورات الألفاظ ومداليلها المبتنية على الاستظهارات العرفية.
وعليه فحيث انّ العموم في القضية مستفاد من معنى حرفي وهو وقوع النكرة في سياق النفي وليس مستفادا من معنى اسمي مثل لفظة «كل» ونحوه فهو غير قابل للتعليق على الشرط ، فالمعلّق عليه لا بدّ وان يكون مفاد جملة الجزاء ، وهو الحكم العام المنحل إلى أحكام عديدة بعدد افراد موضوعه ، فإذا انتفى الشرط تنتفي تلك الأحكام بأجمعها ، فمفهوم قوله عليهالسلام «إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء» انه إذا لم يبلغ الكر ينجسه كل شيء.
ثم ذكر قدسسره انّ كلية المفهوم وعدمها لا يترتب عليها ثمرة في المثال ، لأنه إذا ثبت تنجس الماء القليل بشيء ما من النجاسات يثبت انفعاله بجميعها بعدم القول بالفصل. نعم يترتب الثمرة على ذلك في غير المقام.
ثم أجاب عنه بأنه يمكن ان يقال : بظهور الثمرة في ملاقاة القليل مع المتنجس
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٢١.