مفهوم الحصر
الكلام في مفهوم الحصر بكلمة «انما» أو لفظ «إلّا» الاستثنائية لا ما يكون وصفا كما في قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١).
وقد وقع الكلام في انّ لفظ «انما» كلمة مفردة أو مركبة من «انّ» و «ما» ولا أثر للبحث عن ذلك ، كما انه لا أثر للبحث عن كون دلالة أداة الحصر على الانتفاء عند الانتفاء دلالة منطوقية لكونها موضوعة لذلك ، أو انها دلالة مفهومية وانها موضوعة للحصر وبالالتزام تدل على ذلك.
فالمهم لنا استظهار دلالتها على الحصر. وكلمة «انما» وان لم نجد لها مرادفا في الفارسية إلّا انّ الظاهر عدم الخلاف عند أهل اللسان في دلالتها على الحصر كدلالة إلّا الاستثنائي عليه ، فانّ الاستثناء من النفي إثبات وبالعكس وقد خالف في دلالة لفظ «انما» على الحصر الرازي في تفسيره لقوله عزّ شأنه (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ)(٢) فانه على ما حكى بعد تسليمه نزول الآية في شأن علي عليهالسلام أنكر دلالة «انما» على الحصر ، واستشهد في ذلك بقوله عزّ شأنه (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)(٣) بدعوى انّ الحياة الدنيا غير منحصرة بها ، إذ يمكن صرفها في غير تلك الأمور من الجهاد والعبادات ، فلا يتم الحصر.
وفيه : ما لا يخفى ، امّا أولا : فبالنقض بكلمة «إلّا» فانه سلّم دلالتها على
__________________
(١) الأنبياء ـ ٢٢.
(٢) المائد ـ ٥٥.
(٣) محمد ـ ٣٦.