الحصر ، وقد ورد في الآية الشريفة (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُور)(١).
وثانيا : بالحل ، فانّ ما ذكره من الإشكال انما يتم لو كانت الحياة مضافة إلى الدنيا ، وهو أول الكلام ، بل الظاهر انّ الدنيا صفة للحياة أي الحياة الدنية ، فانّ الحياة تنقسم إلى عليا ودنيا ، والدنيا ليس إلّا متاع الغرور وليس إلّا لهو ولعب كحياة الحيوانات ، واما الحياة العليا فهي التي تصرف في مرضاته تعالى.
وبالجملة : بعد ما راجعنا ما ذكره في ذيل تفسيره لآية الولاية رأينا انه استشهد على ما أنكره من دلالة «انما» على الحصر بآيتين.
إحداهما : قوله عزّ شأنه (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ)(٢) بدعوى انّ لازم ظهور هذه الكلمة في الحصر ان يكون مثل الحياة منحصرا بما ذكر في الآية ، وهو واضح الفساد ، فانه يمكن تمثيل الدنيا بكل امر غير قار كالنوم ونحوه.
ثانيهما : قوله تعالى (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)(٣) بدعوى انّ «انما» لو كان للحصر لزم ان يكون اللهو واللعب منحصرا بالحياة الدنيا دون غيرها من حياة الآخرة والبرزخ ، أو دون غيرها من الحياة العليا والوسطى لو كانت الدنيا صفة للحياة.
ويرد على الأول : انه انما يتم لو لم يكن الماء مدخولا لكلمة «لام» ، واما معه فلا مجال لذاك التوهم أصلا ، فإنّ معنى الآية حينئذ انّ مثل الحياة الدنيا بما يشبه الماء المنزل من السماء إلى آخر الآية ، أي من الأمور غير القارة لا في نفس الماء.
ويرد على الثاني : انّ الحصر في الآية المباركة حصر الحياة الدنيا باللهو واللعب لا العكس ، وقد ذكرنا انّ الحياة ليست مضافة إلى الدنيا ، بل الدنيا على
__________________
(١) آل عمران ـ ١٨٥.
(٢) يونس ـ ٢٤.
(٣) محمد ـ ٣٦.