فصل : في العام المخصص وانه هل يكون مجازا أم لا؟
امّا على ما سلكه الآخوند (١) وتبعه في ذلك الميرزا قدسسره (٢) من استفادة العموم من إطلاق المدخول فعدم المجازية واضح ، اما في المخصص المتصل فلأنّ إطلاق المدخول يقيد ويضيق دائرته أولا ثم يرد العموم عليه ، فيكون العموم بمقدار سعة المدخول ، وعليه فإطلاق التخصيص على مثل ذلك غير خال عن المسامحة. وامّا في التخصيص بالمنفصل ، ففي غير الشارع المقدس العالم بالأشياء يكون التخصيص بالمنفصل من قبيل النسخ والبداء ، فلو قال «أضف جيراني» ثم قال «لا تضف البغدادي منهم» يكون الثاني نسخا للحكم الأول بالقياس إلى بعض مدلوله ، فلا يستلزم مجازية العموم واستعماله في غيره ، واما في الشارع المستحيل في حقه البداء فالتخصيص المنفصل يستكشف منه انّ مراده من المدخول من الأول لم يكن مطلقا ، بل كان مقيدا ، ومن الواضح كما سيأتي في بحث المطلق والمقيد انّ تقييد الإطلاق لا يستلزم المجازية وان كان خلاف الظاهر ، وذلك لأنّ شيئا من الإطلاق والتقييد ليس جزء مما وضع له اللفظ المطلق ، بل وكلاهما خارجان عن الموضوع له ، وظهور اللفظ في الإطلاق وان لم يكن قابلا للإنكار إلّا انه مستفاد من مقدمات الحكمة كما هو ظاهر.
وامّا على المسلك المختار ، فعدم المجازية في التخصيص بالمتصل واضح ، فانّ المدخول يقيد أولا ثم يدخل أداة العموم على المفهوم الضيق ، وقد عرفت ان لفظ
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٣٥.
(٢) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٤٧.