لمعارضته بحجة أقوى أو مساو لا يقتضي إلّا رفع اليد عنه في ذاك المقدار.
وامّا على القول بمجازية العام المخصص فذكر شيخنا الأنصاري قدسسره ما حاصله : انّ هذا المجاز ليس كسائر المجازات ، فإنّ المجازية فيه ليس من جهة دخول ما دخل تحت العام ، وانما هي من جهة خروج ما خرج فيكون العام حجة في الباقي.
وقد أوضحه الميرزا قدسسره (١) بما حاصله : انّ العام كما انه منحل إلى أحكام عديدة عرضية أي غير متوقف ثبوت كل من تلك الأحكام على موضوعه على ثبوت الحكم لفرد آخر ، كذلك في مقام الإثبات يكون العام منحلا إلى دلالات عديدة عرضية ، بمعنى انّ دلالة العام على ثبوت الحكم لفرد غير متوقفة على دلالته على ثبوت الحكم لفرد آخر ، وإلّا لزم الدور ، فانّ نسبة الافراد إلى العام على حد سواء ، وإذا كان كذلك فانتفاء الحكم عن فرد لا يستلزم انتفائه عن غيره ، وهكذا انتفاء الدلالة بالإضافة إلى فرد لا يستلزم انتفائها بالإضافة إلى بقية الأفراد ، كما انّ نسخ حكم لا يستلزم نسخ غيره.
ونقول : ما أفيد من المقدمة وان كان تاما ، فإنّ العام منحل إلى أحكام عرضية ، كما انّ الدلالة أيضا كذلك ، ولكن النتيجة لا تترتب عليها ، وذلك لأنّ جميع تلك الدلالات معلولات لعلّة واحدة وهي استعمال العام في العموم ، فإذا ثبت ذلك يثبت جميع الدلالات عرضا ، واما إذا لم يثبت ذلك فلا يثبت شيء منها.
وبعبارة واضحة : استكشاف مراد المتكلم من اللفظ لا بدّ وان يستند إلى أحد أمور ثلاثة : امّا إلى الوضع ، واما إلى القرينة الخاصة ، وامّا إلى القرينة العامة. امّا الوضع فمفقود في الفرض ، لأنّ العام غير مستعمل في معناه الحقيقي ، وهكذا القرينة العامة والخاصة ، وحينئذ فكما يمكن ان يكون العام مستعملا في تمام الباقي يحتمل ان
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٥٣.