تارة : يكون حكما عقليا بديهيا ، فيكون بمنزلة المخصص المتصل ، كما لو ورد في الدليل «أكرم كل عالم» فانا نقطع بعدم شموله للعالم بالرقص والموسيقى مثلا ، بل المراد منه علماء الدين أو الدنيا مما ينفع الناس ، فلا ينعقد للعام ظهور إلّا في ذلك ، فإذا شككنا في فرد انه عالم ديني أو عالم بالرقص لا ينبغي الريب في عدم جواز الرجوع فيه إلى العام.
وأخرى : يكون من قبيل المخصص المنفصل كالإجماع مثلا ، فلو فرضنا تحقق الإجماع وانعقاده على عدم وجوب إكرام شارب الخمر منهم فانّ ذلك يكشف عن انّ المراد الجدي من العام غير شارب الخمر ، فمع الشك في فرد لا يمكننا التمسك بالعموم. وكان قدسسره يعبر ويقول الميزان انما هو المنكشف لا الكاشف ، والمنكشف ليس إلّا وجوب إكرام العالم غير الشارب للخمر ، فلا يعم الفرد المشكوك ، فلا فرق بين المخصص اللبي واللفظي.
نعم استثنى قدسسره عن ذلك موردا واحدا وهو ما إذا كان الشك في الفرد المشكوك من جهة الشك في الملاك ، فانه إذا علمنا بعدم اشتمال فرد على الملاك نقطع بخروجه عن العموم لا محالة ، بناء على مسلك العدلية من تبعية الأحكام للمصالح اما في نفسها أو في متعلقاتها. وامّا لو شككنا في ذلك فبما انّ كشف الملاك من وظائف المولى لا يعقل ان يكون الموضوع مقيدا بثبوت الملاك فيه عند الشك في ثبوت الملاك للمكلف ان يمتنع عن امتثال تكليف المولى معتذرا بعدم إحرازه الملاك ، فلا محالة في المقام يتمسك بالعموم ونحرز ثبوت الملاك للفرد المشكوك بذلك.
هذا والظاهر عدم تمامية ذلك على إطلاقه ، بل لا بدّ من التفصيل ، فنقول : امّا في القضايا التي تكون من قبيل القضايا الحقيقية مما يكون تطبيق الموضوع فيها موكولا إلى المكلف فإذا علمنا بعدم ثبوت الملاك في فرد مع كونه فردا من الموضوع ، فلا بدّ وان يكون ذلك لثبوت مانع في ذاك الفرد ، فلا يخلو امّا ان يكون