الانحلال.
وقد أورد في الكفاية على هذا الاستدلال بأنه أخص من المدعى ، وذلك لأنّ هذا العلم الإجمالي انما يوجب الفحص عن المخصص إلى ان ينحل بالظفر على المقدار المعلوم بالتفصيل ، كما في بقية موارد العلم الإجمالي بما هو مردد بين الأقل والأكثر ، ففي الفرض المتقدم إذا فحصنا مقدارا من الكتب المعتبرة حتى ظفرنا على خمسمائة مخصص وخصصنا بها العمومات ، فليس لنا بعد ذلك علم إجمالي بالمخصص ، بل ينحل ويكون احتمال وجود المخصص في غير ذلك شكا بدويا يدفع بالأصل ، مع انّ المدّعى هو وجوب الفحص عن المخصص مطلقا.
وأورد عليه المحقق النائيني (١) قدسسره بما حاصله : انّ الانحلال بالظفر على المتيقن في موارد العلم الإجمالي المردد بين الأقل والأكثر انما يتم فيما إذا لم يكن المعلوم بالإجمال معنونا بعنوان آخر غير عنوان العدد بل كان متمحضا في العدد ، واما إذا كان له عنوانان ، فانحلاله من حيث أحدهما لا يوجب انحلاله من الحيثية الأخرى ، وقد مثل لذلك بما إذا علم إجمالا بأنه مديون لزيد بمقدار مردد بين عشرة دنانير أو أكثر ولكنه عالم أيضا بأنّ مقدار دينه مسطور في الدفتر ، فحينئذ له علم إجمالي بعنوانين ، أحدهما عنوان العدد المردد بين الأقل والأكثر ، وثانيهما : بعنوان المسطور في الدفتر ، فانحلاله من حيث العدد لكونه من الشك في الأقل والأكثر لا يستلزم انحلاله من حيث العلم بكونه مديونا لزيد بمقدار مسطور في الدفتر وهل يمكن القول في مثل ذلك بأنه إذا رجع إلى دفتره وفحص إلى ان عثر بالمقدار المتيقن لا يجب عليه الفحص بعد ذلك ويرجع إلى أصالة البراءة ، فانه واضح الفساد. والمقام من هذا القبيل ، فانّ المعلوم بالإجمال وان كان مرددا بين الأقل والأكثر من حيث العدد إلّا
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٨٥.