النصاب ، أو زيادة الربح على مئونة السنة وأمثال ذلك مما لا يحرز عادة إلّا بالفحص ، فان من لم يرزق مالا كثيرا ولم يربح ربحا فاحشا لا يمكنه إحراز استطاعته في سنته الأولى إلّا بالفحص ، وهكذا إحراز الأمرين الآخرين ، ففي مثل هذه الموارد يستقل العقل بوجوب الفحص ولا يجوز الرجوع إلى البراءة قبل ذلك ، وهذا أجنبي عن العلم الإجمالي كما هو ظاهر.
والّذي يشهد لما ذكرناه من انحلال العلم الإجمالي في المثال هو : انه لو فرضنا انّ الدفتر المشتمل على الحساب ضاع يجوز له الرجوع إلى البراءة في المقدار الزائد ، ولا يجب عليه الاحتياط ، مع انه لو لم يكن العلم الإجمالي منحلا لوجب الاحتياط.
الوجه الرابع ـ ما ذكره الميرزا (١) قدسسره مبنيا على مختاره من انّ التمسك بالعموم يبتني على جريان مقدمات الحكمة في المدخول ، وحاصله : انّ من مقدمات الحكمة كون المولى في مقام بيان تمام مراده ، فلو فرضنا انّ المتكلم يعتمد على قرائن ومقيدات منفصلة لعدم تمكنه من إبراز جميع مقاصده كما كان هذا دأب أهل البيت عليهمالسلام وحالهم على ما يظهر من مراجعة تاريخهم وحالاتهم ، فلا يمكننا إحراز أول مقدمة من مقدمات الإطلاق إلّا بعد الفحص ، وامّا قبله فلا يتحقق الإطلاق للمدخول لينعقد العموم للعام.
وفيه : أولا ـ انّ أداة العموم كما عرفت بنفسها متكفلة لبيان الإطلاق وعدم دخل قيد زائد في المدخول ، فهي بيان العدم والإطلاق الثابت بمقدماته ليس إلّا عدم البيان.
وثانيا ـ لو سلمنا توقف العموم والسريان على إجراء مقدمات الحكمة في المدخول فمن الظاهر انّ الظهور الإطلاقي ينعقد للفظ حتى لو كان معرضا للتقييد
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٨٧.