انّ جميعهم في أمثال الآية الشريفة كانوا واجدين للقيد الّذي يحتمل دخله في الحكم لأنّ جميعهم كانوا في عصر الحضور فلا ملزم للمولى ان يقيد حكمه ، ولو كان مراده الواقعي مقيدا فلو لم يبين القيد لا يكون مخلا بمقصوده ، فمن عدم بيان القيد لا يستكشف إطلاق مراده الواقعي ، فلا ينعقد لكلامه إطلاق من تلك الجهة ، لعدم تمامية مقدماته.
ونظير ذلك في العرف لو كان حكمه مقيدا بالهاشميين واقعا وحيث انّ جميع المخاطبين الموجه إليهم الحكم هاشميون فيخاطبهم بقوله «افعلوا كذا» من دون تقييد ، بل يكون ذكر القيد في مثله لغوا.
وبالجملة : فعلى القول بعدم شمول الخطاب للمعدومين لا ينعقد له إطلاق لنتمسك به ، ولو قلنا بحجية الظواهر لغير المقصودين بالإفهام أيضا ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا بشموله للمعدومين ، فانه حينئذ لا يجري البيان المتقدم ، لأنّ من المقصودين بالإفهام حينئذ من يكون واجدا لذاك القيد المحتمل دخله في الحكم كالكون في عصر الحضور في المثال فلا بدّ للمولى من بيان القيد وذكره لو كان مراده واقعا مقيدا ، فإذا لم يبين نتمسك بإطلاق كلامه لا محالة ، وننفي احتمال دخله في الحكم.
ومما يؤيد ثبوت الثمرة حتى على القول بعدم اختصاص حجية الظواهر بالمقصودين بالإفهام انّ هذا البحث كان من الأبحاث القديمة ومتداولا بين العلماء السابقين على الميرزا القمي ، فانهم كانوا يبحثون فيه ، ويجعلون ثمرته صحة التمسك بظاهر الخطابات وعدمها. فهذه المسألة مسألة أصولية مهمة ولا وجه لنفي الثمرة عنها كما في الكفاية.
ثم انّ صاحب الكفاية (١) جعل البحث في مراحل ثلاثة ، بعضها عقلية
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٥٥.