وبعضها لفظية ، وذكر انّ فيه جهات :
الأولى ـ ان يبحث في انّ تكليف الغائبين والمعدومين ممكن عقلا أو مستحيل ، وهذا بحث عقلي.
الثانية ـ ان يبحث في إمكان توجيه الخطاب إلى الغائبين والمعدومين واستحالته ، وهذا أيضا بحث عقلي.
الثالثة ـ ان يبحث في أداة الخطاب وانها موضوعة بنحو يعم الغائبين والمعدومين أم لا؟ وقد جعل الميرزا (١) البحث في مرحلتين.
ولكن الصحيح : ان يجعل البحث في مرحلة واحدة ، إذ لا ينبغي النزاع في الأخريين أصلا ، بيان ذلك : انه لا ينبغي الإشكال في صحة تعلق التكليف بالمعدومين بعد ما بيناه في محله من انّ الحكم ليس إلّا اعتبار شيء على ذمة المكلف ، فكما يمكن تعلق الاعتبار بشيء معدوم يمكن الاعتبار لشيء معدوم كما نرى ذلك في باب الوصية والوقف على البطون اللاحقة ، ونرى ذلك في القوانين العرفية والدولية ، ومن ثمّ لم يستشكل أحد في ثبوت الأحكام المبينة بغير الخطابات الشفاهية للغائبين والمعدومين ، وانها مجعولة بنحو القضايا الحقيقية. نعم فعلية الحكم منوط بفعلية موضوعه فهذه المرحلة مما لا نزاع فيها.
وامّا المرحلة الثانية وهي إمكان توجيه الخطاب إلى المعدومين واستحالته فكذلك ، لأنه ان أريد من الخطاب معناه الحقيقي أعني توجيه الكلام إلى الغير بداعي التفهيم والتفهم ، فهو مستحيل بالإضافة إلى غير الملتفت الشاعر من النائم والمغمى عليه ونحوه فضلا عن الغائب والمعدوم ، وان أريد به الخطاب الإنشائي أي توجيه الكلام لا بداعي التفهيم والإفادة بل بدواعي أخر ، فهو ممكن بالإضافة إلى الجماد
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٨٩.