بناء على ما هو الصحيح عدم كونها في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة كما ذهب إليه في الكفاية ظاهرة في حجية كل من الخبرين من قطع النّظر عن المعارضة ، والأمر بالترجيح بموافقة الكتاب كأنّه تقرير لحجيّة الخبر المخالف للكتاب أيضا في نفسه لو لا المعارضة ، وهذا ظاهر. وامّا المرفوعة فهي صريحة في ذلك ، لأنه جعل موافقة الكتاب فيها ثاني المرجحات والمرجح الأول هو الشهرة حيث قال «خذ بأشهرهما» فهي نصّ في الأخذ بالأشهر المخالف للكتاب وطرح الشاذ الموافق له ، فمن جميع ذلك يعلم انّ المراد بالمخالف في اخبار العرض ليس هو مطلق التنافي ، بل بحيث لم يكن بينهما جمع عرفي.
ويؤيد ذلك أيضا انّ في بعض الاخبار امر بعرض الاخبار على السنة النبوية أيضا على ما ببالي كالعرض على الكتاب ، فلو استفيد منها عدم جواز تخصيص عموم الكتاب بالخبر لزم عدم جواز تخصيص الخبر النبوي به أيضا ، وهو بديهي الفساد.
ثم انه ربما يستدل على عدم جواز تخصيص الكتاب بالخبر بما هو مبني على مقدمة وهي : انّ النسخ في الأحكام لا بدّ وان يكون تخصيصا في الأزمان وعدم إرادة ثبوت الحكم في الزائد على ذات الزمان من الأول ، كالتخصيص المصطلح الّذي هو تخصيص في الافراد ، فانّ النسخ الحقيقي مستحيل في الأحكام لاستلزامه جهل الحاكم ، وعليه فإذا جاز تخصيص الكتاب بالخبر لجاز نسخه به أيضا ، لأنه تخصيص زماني ، وهو باطل.
وفيه : انه لو أريد الملازمة بينهما إمكانا فهي ثابتة ولا مانع من نسخ الكتاب بخبر الواحد لو دل عليه دليل ، وامّا وقوعا فلا ، لقيام الإجماع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، ولعل السر فيه والله العالم عدم ورود ناسخ له من الأئمّة أي بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولو تحقق ذلك من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لوصل إلينا بالتواتر وشاع ذلك لعدم