لزم تخصيصه بالموارد النادرة لمخالفة أغلب الاخبار له ، وقد بين في محله انّ من مرجحات تقديم أحد العامين على الآخر لزوم مثل هذا المحذور من عكسه.
وفيه : انه لا يمكننا المساعدة على ذلك ، إذ ليس في الكتاب عموم يستفاد منه إباحة كل فعل صادر عن المكلف ، وطهارة جميع الأشياء ، ونفوذ النكاح بأقسامه إلى غير ذلك من أحكام المعاملات والعبادات لتكون أغلب الاخبار الدالة على اعتبار بعض الخصوصيات فيها مخالفا للكتاب ، وهذا واضح لمن سبر أبواب الفقه. فالجواب الصحيح ما ذكرناه.
المانع الثاني : الروايات الواردة في انّ ما خالف قول ربنا لم نقله ، أو باطل ، أو زخرف (١) وأمثال ذلك ، فانّ دعوى عدم صدق المخالفة في التنافي بالعموم المطلق فاسدة فانّ التنافي بين العام والخاصّ موجود غاية الأمر تقدم الخاصّ على العام عرفا.
والجواب عنه : مضافا إلى انّ هذه المادة أعني المخالفة واردة في موردين ، أحدهما : هذه الاخبار وهي روايات العرض ، ثانيهما : الاخبار العلاجية ، والظاهر انه أريد منها في الموردين معنى واحد ، وسنبين انّ المراد منها في اخبار التعارض هو المخالفة بالعموم من وجه أو التباين بحيث لم يجمع بينهما عرفا ، فلا بدّ وان يراد ذلك أيضا في المقام.
انا نقطع بأنه لم يرد من المخالفة في تلك الاخبار ما يعم هذا التنافي ، للقطع بصدور المخالف للكتاب بهذا المعنى عن المعصومين مع انّ لسانها آبية عن التخصيص ، إذ لا معنى لأن يقال : ما خالف قول ربنا لم نقله إلّا في المورد الفلاني.
ويشهد لذلك المقبولة والمرفوعة الواردتان في تعارض الخبرين ، فانّ المقبولة
__________________
(١) الكافي ـ ج ١ ـ ص ٦٩.