بالالتزام من باب استحالة اجتماع الحكمين.
وهذا البيان بعينه إيرادا وجوابا يجري في جميع موارد معارضة خبر الواحد الخاصّ مع عام أو مطلق مقطوع الصدور كالخبر المتواتر أو المحفوف بالقرائن القطعية.
وتوضيح تقديم دليل حجية الخبر على العام الكتابي مع انّ النسبة بينهما عموم من وجه بالحكومة هو انّ الأصول اللفظية كأصالة العموم ونحوها يكون الشك في إرادة الظاهر من اللفظ مأخوذا في موضوعها ، ولذا يعبر عنها بالأصول العملية ، وعليه فالخاص بما انه قرينة على العام يكون التعبد به بنفسه رافعا للشك في إرادة العموم من العام ، بل هو في حكم القطع بتخصصه وعدم إرادة العموم منه ، فينتفي موضوع الأصل اللفظي وهو الشك في إرادة الظاهر ، وهذا معنى الحكومة من حيث الحجية فانّ الخاصّ تارة يكون بمدلوله المطابقي حاكما على العموم ، كما في قوله عليهالسلام «لا ربا بين الوالد والولد» بالإضافة إلى الآية ، وقوله عليهالسلام «لا شك لكثير الشك» بالإضافة إلى أدلة الشكوك ، وإلّا فدائما يكون بحجيته حاكما على العام كما لو ورد «لا بأس بالربا بين الوالد والولد». وهذا الوجه جار في التعبد بكل قرينة بالإضافة إلى ذيها ، وهو السر في حكومة الأمارات على الأصول العملية وتقديمها عليها ، وامّا العكس فالتعبد بالعموم بنفسه لا يذهب الشك في صدور الخاصّ ، وانما يدل عليه بالالتزام وحكم العقل باستحالة اجتماع الحكمين.
وربما يجاب عن هذا الإيراد أي عن تقديم دليل حجية الخبر على العام مع كون النسبة بينهما عموم من وجه بما أشير إليه في الكفاية (١) من انه لو قدم جانب الآية وخصص دليل حجية الخبر بغير موارد معارضته مع عموم أو إطلاق كتابي
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٦٦.