التخصيص.
ولكن المحقق النائيني قدسسره ذهب إلى جواز النسخ قبل حضور وقت العمل بالمنسوخ ، واختار التخصيص في الفرض لوجه آخر وحاصل ما ذكره هو (١) : انّ الأحكام الشرعية قد تكون من قبيل القضايا الخارجية فيقول المولى : «أكرم زيدا أو هؤلاء» وقد تكون من قبيل القضايا الحقيقية ، وهي أيضا تارة : تكون موقتة بوقت خاص كالحكم بوجوب الحج في الموسم ، واستحباب العمرة في الأشهر الحرم ، والصلوات في أوقاتها ، وأخرى : لا تكون موقتة. امّا القسمان الأولان فعدم جواز النسخ فيهما قبل حضور وقت العمل.
وقد مر منه نظير هذا في مبحث جواز امر الآمر مع علمه بانتفاء الشرط ، واعترضنا عليه هناك بأنّ انتفاء الشرط ان كان مستندا إلى ذلك الحكم ، كالحكم بالقصاص المترتب على قتل النّفس المحترمة إذا علم الحاكم بانتفاء ذلك لأجل حكمة بالقصاص وكثيرا يتفق ذلك في الأحكام التحريمية ، فيجوز جعله بل قد يقتضيه الحكمة ، وامّا لو كان انتفاء الشرط غير مستند إلى ذلك ، كما لو قال «يجب إعطاء دينار على من شرب جميع ماء البحر» مع علمه بأنّ أحدا لا يقدر عليه ، فهو لغو محض.
وبهذا البيان يظهر عدم إمكان جعل الحكم في المقام ولو بنحو القضية الحقيقية مع علمه بأنه ينسخه قبل حضور وقت العمل به ، فانه من اللغو الواضح ، واما جعل حرمة شرب الخمر وحرمة قتل النّفس بنحو القضية الحقيقية فحضور وقت العمل به انما هو بنفس تمكن المكلف من إيجاد ذلك. فتحصل انّ جعل الحكم ولو بنحو القضية الحقيقية مع علم الآمر بنسخة قبل حضور وقت العمل لغو قبيح ، فإذا ورد الخاصّ
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٥٠٧.