على خلافها ، وقد أخبر جل شأنه وبينها لأوليائه ، ويعبر عنه بالتقدير والقضاء المعلق ، فانه عالم بالملازمات والاعدام.
اما العلم الأول ، فلا يعقل فيه البداء ، ولكن يكون منه البداء ، أي يكون منشأ للبداء كما صرح به في بعض الاخبار الصادرة عن أهل البيت.
وامّا العلم الثاني فليس فيه البداء ، لأنه حتمي على الفرض ، والبداء فيه مستلزم لتكذيب الأنبياء وإفحامهم تعالى عن ذلك ، وهو جل شأنه لا يكذب نفسه ولا نبيه ، كما ليس منه البداء لأنه ظاهر واضح على الفرض ، وليس خفيا على العباد.
وامّا العلم الثالث ، ففيه البداء فانه اخبار بتحقق أمور معلقا على ان لا تكون المشية على خلافه ، كما انا نخبر بأمور تارة بنحو الحتم ، وأخرى : بتحققها معلقا على أن لا يتوسط في ذلك أحد مثلا ، فإذا كانت المشية على خلافها بحسب ما هو معلوم له جلّ شأنه بعلمه المكنون ولم يتحقق ذلك المخبر به يكون هذا بداء ، وهو لا يستلزم الجهل ولا غيره مما لا يليق بمقامه المقدس ، لما عرفت انّ العلم بالملازمة لا ينافي عدم تحقق الملزوم ، ولذا ورد عن الأئمة عليهمالسلام [لو لا آية من كتاب الله لأخبرتك بما كان وما يكون وهي قوله تعالى (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)(١)] وهذا المعنى مما يجب التدين به ، فانّ معناه قاهريته تعالى على كل شيء وكون جميع الأشياء تحت مشيته وقدرته.
ونمثل لما ذكرناه مثالا من القوانين الدولية ، فانّ كل من يعرف القانون إذا سألته عن حكم من قتل نفسا متعمدا يقول : انّ حكمه الشنق أو السجن ، وهذا امر على القاعدة إلّا انه معلق على عدم صدور الإرادة الملكية على خلاف ذلك ولا
__________________
(١) الرعد ـ ٣٩.