مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ)(١) فانّ جميع الأشياء بتحققها ووجوداتها حاضرة لديه بأعلى مراتب الحضور.
إذا عرفت هذا فنقول : إذا كان المقتضي لتحقق شيء موجودا فلم يوجد بل وجد خلافه بمشيته المكنونة فقد بدا وظهر له ما وجد ، لما ذكرنا من علمه الفعلي ، وانه بمعنى حضور الأشياء بوجوداتها لديه وظهورها عنده ، فيصدق انه بدا له تعالى لوجوده بعد ما كان خلافه ظاهرا عند الناس.
واما البداء الثابت في حق بعض الأئمة عليهمالسلام وأولهم الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام بالإضافة إلى إسماعيل بن الصادق عليهالسلام ، وثانيهم الجواد عليهالسلام ، وثالثهم الهادي ، ورابعهم الحسن العسكري عليهالسلام كما هو وارد في زياراتهم فتوضيح الحال فيه : انّ الأئمّة عليهمالسلام كانوا معينين بأشخاصهم ولم يكن العلم بهم من العلم المكنون ، بل أخبر الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعض عباده بذلك ، بل كانت أسماؤهم مذكورة في مصحف الصدّيقة عليهاالسلام ، وقد روى انّ رجلا دخل على أمير المؤمنين عليهالسلام وشهد بإمامة الاثني عشر بأسمائهم عليهمالسلام وكان هو الخضر عليهالسلام إلّا انه لم يكن امرا ظاهرا لعامة الناس حتى الشيعة ، وانما كانوا يعلمون بأنّ الإمام اللاحق بعد السابق هو ولده الأكبر إذا كان صالحا للإمامة ، وانّ الإمامة لم تجتمع في أخوين إلّا في الحسنين عليهماالسلام ، ولذا انتقلت الإمامة إلى الحسين عليهالسلام من أمير المؤمنين لا من أخيه الحسن عليهالسلام ، ولذا تقول في زيارته السلام عليك يا وارث علي أمير المؤمنين ، ويا وصي أمير المؤمنين ، وليس في زياراته السلام عليك يا وارث الحسن ، ولذا كان الحسن عليهالسلام إماما في حياة أخيه الحسين غايته كان يلزم عليه متابعة الحسن لكبره.
وبالجملة هذه الكبرى الكلية وهي انّ الإمامة تنتقل إلى الولد الأكبر مع
__________________
(١) يونس ـ ٦١.