مندوحة.
وفي هذه الأقسام الثلاثة يكون منشأ التزاحم عجز المكلف.
وذكر الميرزا قدسسره قسما آخرا للتزاحم ليس منشؤه العجز ، وهو باب الزكاة فيما إذا ملك أحد خمسا وعشرين من الإبل الّذي هو أول حد النصاب ، فإذا مضى عليه سنة يجب فيها خمس شياة فإذا فرضنا انّ تلك الإبل زادت في أثناء السنة بواحدة تكون موردا للنصاب الثاني ، وحكمه إعطاء بنت مخاض ، فإذا مضى الحول على النصاب الثاني أيضا يجب إعطاء الزكاة عن الثاني بمقتضى دليله ، والمكلف قادر على إعطاء كلا الأمرين ، إلّا انّه يعلم من الخارج عدم تعلق زكاتين بمال واحد في سنة واحدة ، فيقع التزاحم بينهما لا محالة.
وفيه : انّ مورد التزاحم كما عرفت انما هو بعد ثبوت الملاكين والفراغ عن جعل كلا الحكمين ، ومن الواضح عدم ثبوت الملاك لكلتا الزكاتين في المقام ، وإلّا لم يكن وجه لتفويت أحدهما من دون جهة شرعية ولا عقلية ، فيستفاد من ذلك انّ الثابت ليس إلّا ملاك واحد ، وانّ المجعول ليس إلّا وجوب إحدى الزكاتين ، فيقع التعارض بين الدليلين.
والصحيح : تقديم دليل النصاب الأول وفاقا للجواهر لا لسبقه على النصاب الثاني زمانا ، بل لأنّ دليله يكون معدما لموضوع النصاب الثاني وحاكما على دليله ، كما في تقديم الأمارات على الأصول العملية ، فانّ الشك مأخوذ في موضوعها ، فإذا دلت أمارة على حكم في مورد يكون المكلف حينئذ عالما بالتعبد فيخرج عن الشاك عن موضوع أدلة الأصول. وفي المقام أيضا كذلك ، فانه بعد مضي الحول على النصاب الأول جامعا لشرائط وجوب الزكاة يحكم بوجوب إعطاء خمس شياة لتحقق موضوعه ، وهو مضي الحول على خمس وعشرين من الإبل ، فلا يكون في البين مانع عن فعلية ذلك الحكم ، ونفس حكم الشارع بوجوب الزكاة الأول