غير العصير العنبي ، فلا بدّ من حمله على المقيد ، وهكذا لو كان المقيد واردا في مقام التحديد كما ورد خلق الله الماء طهورا وورد أيضا «سألته عن الماء الّذي لا ينفعل فقال : كر من الماء» فانّ التقييد في مقام التحديد ظاهر في اختصاص الحكم به دون غيره ، فلا بدّ فيه أيضا من حمل المطلق على المقيد.
فتلخص من جميع ما ذكر انّ المطلق والمقيد إذا كانا مثبتين وكانا من قبيل صرف الوجود يحمل المطلق على المقيد في الواجبات إلّا إذا كان الدليلان ظاهرين في تعدد الحكم ، وفي المستحبات على التفصيل المتقدم ، وان كان الحكم بنحو مطلق الوجود فلا يحمل المطلق على المقيد لا في الواجبات ولا في المستحبات ولا في الأحكام الوضعيّة إلّا فيما إذا كان للمقيد مفهوم ، والمنفيان من هذا القبيل ، وامّا في المختلفين فيحمل المطلق على المقيد دائما ، وظهر وجهه مما تقدم.
ثم لا يخفى انا قد ذكرنا انّ الإطلاق والتقييد يتصف بكل منهما كل من اللفظ ومقام الإثبات ، والمعنى ومقام الثبوت. كما عرفت أيضا انه ليس للأصوليين في هذين اللفظين اصطلاح خاص ، بل يريدون بالإطلاق السعة والإرسال ، وبالتقييد الضيق ، وذكرنا أيضا انّ الإطلاق في مقام الإثبات يكشف عن الإطلاق في مقام الثبوت والمراد الجدي ، والتقييد في اللفظ يكشف عن تقييد المراد الجدي.
ونقول : هذه الكبرى وان كانت كلية بحسب الواقع إلّا انها بحسب الصورة ربما لا تكون كذلك ، بل يستفاد من التقييد في مقام اللفظ والإثبات السعة والإطلاق في مقام الثبوت وبالعكس ، وينحصر مورد ذلك بباب الأوامر وفي تقييد المولى كلامه بلفظ (أو) وعدمه ، مثلا لو قال المولى «أعتق رقبة أو أطعم ستين مسكينا» فاللفظ وان كان مقيدا إلّا انه يستكشف به الإطلاق والسعة ثبوتا وانّ الواجب غير متعين في عتق الرقبة ، بل هو أوسع منه ومن الإطعام ، وامّا لو أطلق اللفظ ولم يقيده بهذا القيد يستكشف من إطلاقه انّ الواجب ضيق ثبوتا ومتعين في العتق ، لما بيناه في