محالة يكون الإلزام إلزاما شرطيا بمعنى انه إذا أراد الإتيان بالمستحب فيجب الإتيان به مقيدا بالقيد الخاصّ ، وإذا أمكن التحفظ على ظاهر اللفظ لا وجه لرفع اليد عنه.
وببيان ثالث انّ الأمر بالتقيد قرينة بالإضافة إلى الأمر بالمطلق ، ولا يفرق في ذلك كون الأمر إلزاميا أو غير إلزاميّ فيوجب تقييده.
وبهذا ظهر الحال في قسم رابع ، وهو ما إذا ورد امر استحبابي بمطلق ثم ورد النهي عن بعض أفراده ، فانه ظاهر في الإلزام والزجر ، وبما انا نعلم بعدم ثبوت الحرمة النفسيّة في متعلقه فلا محالة يحمل النهي على المانعية ، فيكون إرشادا إلى اعتبار عدم كون المأمور به مما تعلق به النهي. وكون المستحبات ذات مراتب لا يوجب سقوط النهي عن ظهوره ، ومن هنا اعتبرنا القيام والطهارة في الإقامة لما ورد من النهي عنها بدون الأمرين خلافا للمشهور.
وتحصل : انّ المطلق والمقيد في باب المستحبات ان كان للمقيد مفهوم ينافي الأمر بالمطلق لا بد من تقييده ، وإلّا فإن كان الأمر متعلقا بالمقيد لا يحمل المطلق عليه لعدم التنافي بينهما ، وان كان متعلقا بالتقيد لا بد من الحمل لكونه إرشادا ، وان كان النهي قد تعلق ببعض أفراد المطلق فهو إرشاد إلى المانعية على ما عرفت. هذا كله فيما إذا كان الأمر بالمطلق بنحو صرف الوجود.
وامّا ان كان بنحو مطلق الوجود والانحلال ، امّا من حيث الموضوع كما لو ورد «الخمر حرام» وورد «الخمر المتخذ من التمر حرام» أو من حيث المتعلق كما لو قال «لا تكذب» وقال : «لا تكذب على الأنبياء» فلا يحمل المطلق فيه على المقيد ، لأنّ الانحلال مستلزم لتعدد الحكم بعدد أفراد الموضوع أو المتعلق ، فهناك أحكام عديدة ، ولا مانع من بيان حكم بعض الأفراد مرة وبيان حكم جميع الأفراد مرة أخرى إلّا إذا كان للمقيد مفهوم ينافي الإطلاق كما لو قال «العصير إذا غلى حرام» ثم قال أيضا «العصير المغلي ان كان متخذا من العنب حرام» فانّ مفهومه ينفي حرمة