وبعبارة أخرى : إذا امر المولى عبده بالحركة وامره بالسكون أيضا عرضا في آن واحد فحيث انّ كل من الأمرين بالالتزام يقتضي عدم الإتيان بمتعلق الآخر فلا محالة يقع التنافي بينهما من ناحية المنتهى ، وامّا في ما نحن فيه فلا ينفي شيء من الأمرين ما يثبته الآخر ، وكذلك العكس ، لأنّ الأمر بالمهم لا يقتضي عصيان الأهم كما انّ الأمر بالأهم لا يقتضي شيئا في فرض عصيانه وتركه ، ففي فرض عصيان الأمر بالإزالة لا يقتضي ذلك الأمر الإتيان بشيء دون شيء كالإتيان بالقيام دون الصلاة ، وكذا العكس ، فاذن لا تنافي في المقام من ناحية المنتهى أيضا ، ويشهد لصحة ما ذكر وقوع ذلك في الأمور التكوينية ، فإنّا إذا فرضنا وجود مقتضى الحركة بشيء إلى جانب معين كالجنوب ووجود المقتضي لتحركه نحو طرف آخر أيضا كالشمال يقع التزاحم بينهما لا محالة. واما لو فرضنا وجود المقتضى لتحرك شيء إلى جهة ووجود المقتضى لتسويده أو تبييضه مثلا إذا لم يتحرك إلى ذلك الطرف لا مزاحمة ولا مضادة بين المقتضيين أصلا ، والمقام من هذا القبيل.
والحاصل : انه لو امر المولى بالحركة وامر بالسكون كل منهما بنحو الإطلاق يستحيل ذلك ، لأنّ كلا منهما بالالتزام ينفي مفاد الآخر ، وهكذا لو امر بالسكون مطلقا وامر بالسكون مشروطا بمجيء زيد وفرض تحقق ذلك الشرط فانه يقع المضادة بين الحكمين حينئذ لا محالة واما لو امر المولى بالضدين في غير المثال مما لهما ثالث كما هو محل الكلام لكن مشروطا بترك الآخر لا يلزم منه طلب الجمع بين الضدين ، ولا تنافي بينهما أصلا ، وذلك لأنّ الأمر بالأهم لا يقتضي إلّا الإتيان بمتعلقه وعدم عصيانه ، كما انّ الأمر بالمهم على تقدير عصيان الأهم لا يقتضي إيجاد العصيان خارجا ، بل دائما يكون مشروطا ومترتبا على العصيان حتى في حين تحقق العصيان ، إذ الواجب المشروط لا يصير مطلقا بحصول شرطه ، بل يكون باقيا على اشتراطه ، فالامر بالمهم دائما يقتضي الإتيان بمتعلقه على فرض عصيان الأهم ، ولذا