لا يكون بينهما تناف أصلا ، وقد عرفت ثبوت ذلك في المقتضيين في الأمور التكوينية.
وقد يتفق ذلك في الأمرين الصادرين من آمرين مثلا يقول : أحد الجارين للجار الّذي يريد بيع داره بعه إيّاي ويقول الجار الآخر بعه إياي ، فلا محالة يقع التزاحم بينهما ، وهناك جار ثالث يقول للمالك ان لم تبعه إياهما فبعه إياي ، فهل يتوهم التزاحم بين امره وامر الجارين الأولين؟! والمقام كذلك.
ثم بما بيناه ظهر ما في كلام الكفاية (١) من انّ الأمر المطلق متحقق في زمان فعلية الأمر المشروط فيقع التزاحم بينهما ، وذلك لأنّا لا ننكر وجود الأمرين معا ، إلّا انا نريد ان نقول : لا يلزم من ذلك التنافي ، ولا طلب الجمع بين الضدين كما عرفت.
وقد أوضح الميرزا ما ذكر بمثال ، وهو انه لو امر المولى عبده بدخول المسجد ثم أمره بالقراءة على تقدير ترك الدخول في المسجد ، فلو فرضنا انّ المكلف أتى بهما معا بان دخل المسجد وقرأ لا يكون آتيا بواجبين بالوجدان ، ويستكشف من ذلك عدم استلزامه طلب الجمع بين ضدين.
وهكذا لو فرضنا محالا تمكن أحد من الجمع بين الضدين وأتى بهما معا لا يكون ممتثلا لأمرين وآتيا بواجبين.
وبما بيناه ظهر أيضا فساد ما في الكفاية (٢) من انّ اشتراط التكليف بأمر اختياري لو كان موجبا لجواز الأمر بالجمع بين ضدين لجاز ذلك في مثل ان يقال : ان صعدت السطح فاجمع بين ضدين ، ومن الظاهر استحالته ، وذلك لما عرفت من أنّه إذا اشترط أحد الخطابين بترك الآخر لا يلزم من ذلك طلب الجمع بين ضدين كما عرفت ، لا انه جائز إذا استند إلى سوء اختيار المكلف كما توهم ، كما لو فرضنا انّ
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢١٣.
(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢١٧.