الوالد امر ولده بالصعود إلى السطح وأمرته والدته بالنزول إلى السرداب فإنّ التنافي بين الأمرين ظاهر ، وامّا لو فرضنا انّ الوالد امره بالصعود إلى السطح لكن مشروطا بعدم نزوله إلى السرداب ، فليس بين الأمرين حينئذ تنافي أصلا ، وإذا صح ذلك في امرين من آمرين يصح في أمرين من شخص واحد أيضا.
وحاصل الكلام : انّ الأمر بالضدين يتصور على أقسام أربعة : لأنه تارة : يؤمر بكل منهما بنحو الإطلاق ، مثلا يقول المولى تحرك إلى الشمال وتحرك إلى الجنوب.
وأخرى : يؤمر بكل منهما مشروطا بأمر غير عصيانه الآخر ، وقد حصل الشرط خارجا.
وثالثة : يؤمر بأحدهما مطلقا وبالآخر مشروطا كذلك.
ويستحيل الجمع بين الطلبين في جميع الأقسام الثلاثة ، لاستلزامه طلب الجمع بين الضدين ، اما مطلقا وامّا عند حصول الشرط.
ورابعا : يؤمر بكل منهما مشروطا بعصيان الآخر ، أو بأحدهما مطلقا وبالآخر مشروطا بترك الآخر وعصيانه. والقائل بالترتب يدعي عدم استلزام هذا القسم لطلب الضدين أصلا ، وذلك لأنّ الأمر بالأهم وان كان ثابتا في ظرف عصيانه لكون العصيان عصيانا له ، كما انّ الأمر بالمهم أيضا فعلي حينئذ لتحقق شرطه إلّا انه مع ذلك لا تنافي بينهما ، لأنّ الأمر بالأهم وان كان معدما للأمر بالمهم لأنه ناف لعصيان نفسه إلّا انّ الأمر لا يقتضي عصيانه بل يأمر بالمهم على تقدير العصيان ، هذا حل المطلب.
واما نقضه فيما إذا صدر من المولى امران بغير الضدين مما يمكن الجمع بينهما وكان أحدهما مشروطا بترك الآخر ، مثلا قال المولى : ادخل المسجد وإذا تركته فاقرأ القرآن ، فلو أتى المكلف بهما معا فهل يكون آتيا بواجبين؟ من الواضح خلافه ، بل