الإخفات ، وبالعكس إذا لم يكن عن عمد لو كان الجاهل مقصرا.
وظاهر كلام الأصحاب ثبوت استحقاق العقاب في ذلك أيضا ، كما هو الحال في مطلق تارك الفحص إذا كان عن تقصير ، فانّ عمله يكون محكوما بالبطلان ظاهرا بمعنى عدم الاجتزاء بما أتى به عقلا.
وفي اعتبار مطابقة ما أتى به لرأي من كان يجب عليه تقليده حين العمل أو من يجب عليه تقليده فعلا في صحة عمله واقعا كلام يذكر في محله.
وكيف كان وقع الإشكال في الموردين في انه كيف يمكن القول بصحة ما أتى به الجاهل مع كونه مستحقا للعقاب؟ وأجاب عنه الشيخ الكبير كاشف الغطاء قدسسره بالترتب ، وانّ القصر للمسافر واجب مطلقا والإتمام واجب على تقدير تركه القصر ، فإذا أتم المسافر يعاقب على عصيانه الأمر الأول ، ويكون ما أتى به صحيحا لكونه مصداقا لما امر به بنحو الترتب. وأورد عليه شيخنا الأنصاري باستحالة الترتب مطلقا.
وحيث انّ المحقق النائيني قدسسره يرى إمكانه ذكر انّ الترتب في نفسه وان كان صحيحا إلّا أنّه مستحيل في المقام لوجوه ثلاثة (١) :
أحدها : الترتب انما يجري فيما إذا كان التضاد اتفاقيا ناشئا من عجز المكلف وعدم قدرته على الجمع بين الأمرين ، فإطلاق الخطاب المتعلق بالأهم حينئذ يبقى على حاله ، وإطلاق خطاب المهم يقيّد بحكم العقل بعصيان الخطاب الأهم ، واما موارد التضاد الدائمي فهي خارجة عن باب التزاحم ، ولا يعقل ثبوت الملاك في كل منهما ولا تعلق الأمر بهما أصلا ، بل يكون بابها باب التعارض ، ولا معنى فيه للترتب.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٣١٠.