وذكر قدسسره أنّ ذلك من قبيل تأسيس الأصل لما إذا شك في انّ الأصل في الأشياء هو الإباحة ، أو انّ البيع صحيح أو فاسد من حيث عدم المناسبة بين طرفي الشك.
والحق أنّ ما أفاده متين جدا ، فإنّ التعارض لا ربط له بالتزاحم ليشك في انّ التنافي بين الدليلين من أي البابين.
وعلى أي حال نقول : التعارض هو تنافي الدليلين من حيث الدلالة في مرحلة الجعل والتشريع وتكاذبهما بحيث يلزم من صدق كل منهما كذب الآخر من دون ان يلزم من كذب كل منهما صدق الآخر لاحتمال كذبهما معا ، كما لو ورد دليل على وجوب السورة ودليل آخر على عدم وجوبها ، فانه يستحيل جعلهما معا ، فيلزم من صدق كل منهما كذب الآخر.
ثم انّ التعارض تارة : يكون ذاتيا كالمثال ، وأخرى : يكون عرضيا ، كما إذا ورد دليل على وجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة ودليل آخر على وجوب صلاة الجمعة في يومها ، فإنّه ذاتا لا تنافي بين الحكمين ، ولا مانع من ثبوتهما معا ، إلّا أنّه حيث يعلم من الخارج بعدم وجوب صلاتين على المكلف يقع التعارض بينهما بالعرض. هذا في الشبهة الحكمية.
وأما في الشبهة الموضوعية فكذلك ربما يكون التعارض بالذات كما لو أخبرت البينة بأنّ المال المعين ملك لزيد وأخبرت بينة أخرى بأنّه ملك لعمر ، فإنّ الإخبارين متعارضان ذاتا ، وربما يكون التعارض بالعرض كما لو أخبر العادل بطهارة كل من الإناءين يعلم بملاقاة أحدهما مع البول مثلا ، فإنّ الاخبار بطهارة كل منهما لا يعارض الاخبار بطهارة الآخر إلّا من حيث العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما.
وأما التزاحم فهو تنافي الدليلين في مرحلة الفعلية والامتثال لا في مرحلة الجعل والتشريع ، فإنه لا منافاة بين أن يجعل وجوب صلاة الآيات للقادر على