الإتيان بها ويجعل وجوب الصلاة اليومية كذلك ، غاية الأمر إذا تضيقا يقع التزاحم بينهما بالعرض لا محالة ، ومن ثمّ يمكن أن يكون دليل كل من الحكمين المتزاحمين متيقنا سندا ودلالة ، كما لو فرضنا ورود نصّ صريح من السنة المتواترة على وجوب الحج مثلا وورود مثله على وجوب رد السلام ، ووقع التزاحم بينهما.
وبالجملة فالتزاحم انما يكون في مرحلة الفعلية والامتثال مع ثبوت أصل الجعل والتشريع لكلا الحكمين المتزاحمين لعجز المكلف عن امتثالهما معا ، غاية الأمر انّ التزاحم تارة : يكون بالذات كما في المضيّقين ، وأخرى : بالعرض كما في تزاحم الموسع من المضيق.
وان شئت فقل : انّ التزاحم هو ما يكون تقديم أحد الحكمين فيه معدما لموضوع الحكم الآخر في عرضه ، فإنّ القدرة مأخوذة في موضوع كل حكم ، وهذا بخلاف التعارض ، فانّ تقديم أحد المتعارضين يوجب سقوط الحكم الآخر مع بقاء موضوعه ، كما هو واضح.
ثم انّ منشأ التزاحم في المتزاحمين ليس إلّا عجز المكلف عن امتثالهما ، ولكن المحقق النائيني قدسسره فرض صورة يكون التزاحم فيها من غير جهة العجز بل يكون التزاحم مع فرض قدرة المكلف على امتثال الحكمين ، وسنتعرض لاستحالة ذلك إن شاء الله.
وتلخص مما ذكر انّ التعارض والتزاحم ، وان كانا مشتركين في التنافي إلّا انّ التنافي بين المتعارضين انما يكون في مرحلة الجعل والتشريع بحيث يلزم من صدق كل منهما كذب الآخر ، ولا عكس لاحتمال كذبهما معا ، بداهة استحالة جعل الوجوب والحرمة معا لإكرام زيد مثلا الّذي فرض مصداقا للعالم والفاسق ، فلا محالة يكون تقديم أحدهما مستلزما لسقوط الحكم الآخر مع بقاء موضوعه. وهذا بخلاف باب التزاحم ، فإنّ التنافي بين المتزاحمين انما هو في مرحلة الفعلية ، ولا