فإن قيل : لأي دليل أذن في ارتكاب الأطراف؟
قلنا : روى عنه عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه».
والحال ان كل واحد واحد من الأطراف يحتمل كونه حلالا ، أو حراما فهو لك حلال إلّا أن تعرف الحرام منه أي من الشيء بعينه.
فالنتيجة : ان كل واحد من الأطراف حلال لك ، إذ لا يعرف كون كل واحد واحد حراما ، فالعلم الإجمالي مقتض لتنجّز التكليف ما دام لم ينضم إليه عدم المانع العقلي ، أو الشرعي ، امّا إذا انضم إليه فهو علّة تامّة لتنجّزه كالعلم التفصيلي بلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا ، مثلا : إذا اشتبه الغنم الموطوء في قطيعة الغنم فكل واحد منها يحتمل أن يكون موطوء وان يكون غير موطوء ، والموطوء محرّم اللحم ، وغير الموطوء محلّل اللحم ، فكل واحد منها امّا حلال وإمّا حرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه. هذا مثال لغير المحصورة.
وكذا إذا اشتبه إناء الطاهر والنجس فكل واحد منهما امّا حلال وامّا حرام ، والطاهر حلال شربه ، والنجس حرام شربه ، فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه. هذا مثال للمحصورة.
وفي ضوء هذا : فانقدح لك ان العلم الاجمالي بالتكليف كالجهل بالتكليف إذا كان المانع العقلي ، أو الشرعي عن تنجّزه موجودا في عدم الأثر والنتيجة ، وان العلّة التامّة تجتمع مع وجود المانع نحو اجتماع طلوع الشمس مع وجود الغيم إذ طلوعها علّة لضياء العالم سواء وجد الغيم أم لم يوجد ، ولكن وجود الغيم في الهواء مانع عن ضياء العالم ، والمقتضي لا يجتمع مع وجود المانع نحو عدم اجتماع النار مع الرطوبة ، إذ هي مقتضية للإحراق أي إحراق الجسم ولكن وجود الرطوبة فيه مانع عن تأثير المقتضي وهو النار ، في المقتضى بالفتح ، وهو احراقها جسما من الأجسام.