الحجية بلازمة لذات الظن بما هو ظن لأنّ الإنسان ممكن الوجود ، وكل ممكن الوجود لا يقتضي ذاته الوجود ولا العدم فيحتاج ترجيح الوجود على العدم إلى مؤثّر خارجي ، وكذا قولنا : الظن الخبري حجّة يحتاج كونه حجّة الى جاعل ومعتبر وهو مؤثر خارجي.
الثالث : قد بدء ان الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني بحكم العقل السليم بدفع الضرر المحتمل الأخروي ولا يكفي الظن بالفراغ ، إذ تجري معه قاعدة الاشتغال والاحتياط ، إذ لا يسقط معه التكليف المعلوم الثابت في الذّمة فلا تجري مع الظن بالفراغ البراءة العقلية والشرعية.
قوله : فتأمّل ...
وهو إشارة إلى ان الخلاف بين الأعلام رضي الله عنهم ، في دفع الضرر المحتمل الدنيوي لا في الضرر المحتمل الأخروي فإنّه لم يخالف أحد في دفع الضرر المحتمل الأخروي مع تنجّز التكليف الفعلي على المكلّف.
ألا ترى انه ليس في كل واحد من أطراف العلم الاجمالي وفي الشبهة الحكمية قبل الفحص عن الدليل إلّا احتمال الضرر ، ومع ذلك ، أوجبوا الاحتياط في الأوّل وذلك كإتيان الصلاة إلى الجهات الأربع عند اشتباه القبلة ؛ والفحص في الثاني وما هذا إلّا لوجوب دفع الضرر المحتمل الأخروي.
هذا ، مضافا إلى ان الالتزام بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل الأخروي يستلزم الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي أيضا كما يستلزم الاكتفاء بالامتثال الظنّي وهذا ضروري البطلان ، كما لا يخفى.
فتحصّل ان الظن ليس بحجّة في نفسه بلا فرق بين مقام الثبوت ومقام السقوط وان حجيّته منحصرة بالجعل التشريعي.