قوله : فافهم ...
وهو إشارة إلى ان الحكم الواقعي كما يكون عن مصلحة نفسية في الفعل الصادر من المكلف موجبة لإرادته ، أو عن مفسدة نفسية في الفعل موجبة لكراهته ، فكذا الحكم الظاهري الطريقي المقدّمي يكون عن مصلحة غيرية في الفعل ، وهي الوصول إلى الأحكام الواقعية ، ولا ريب في ان هذه المصلحة موجبة لإرادته ، أو عن مفسدة غيرية في الترك ، وهي عدم الوصول الى المحرّمات الواقعية موجبة لكراهته فيجتمع حينئذ في الفعل الإرادة والكراهة معا في صورة الخطأ ، ويجتمع فيه الارادتان النفسية والغيرية في صورة الاصابة ، وهذا مستلزم للتناقض ، إذ معنى كونه مرادا نفسيّا انّه ليس بمراد غيري ومعنى كونه مرادا غيريا انّه ليس بمراد نفسي فيلزم حين كونه مرادا نفسيّا عدم كونه مرادا نفسيّا ويلزم حين كونه مرادا غيريّا أي مقدّميا عدم كونه مرادا غيريّا ، وهذا تناقض ، والتناقض محال فهذا محال ، إذ مستلزم المحال محال ، كما قرّر هذا بالبرهان العقلي في محلّه ، أو إشارة إلى ان هذا الوجه المذكور لا يدفع لزوم تفويت مصلحة الواقع ، والالقاء في مفسدته إذا أدّت الامارة إلى عدم وجوب ما هو واجب واقعا ، أو إلى عدم حرمة ما هو حرام واقعا.
هذا على طريق اللف والنشر المرتّب ، فالأوّل مربوط بالأوّل ، وهو تفويت المصلحة ، والثاني مربوط بالثاني وهو القاء في مفسدة الواقع.
ولهذا اختار الشيخ الأنصاري قدسسره في حجيّة الامارات المصلحة السلوكية ، وهي برزخ بين الطريقية وبين السببية.
توضيح : حجيّة الامارات الظنّية من باب الطريقية والكاشفية أي من جهة كون الظنّ الحاصل من الامارات المعتبرة طريقا إلى الواقع وكاشفا عنه وهو لا يخلو من احتمال الخلاف ولهذا يستلزم هذا المبنى تفويت المصلحة والالقاء في المفسدة وهما قبيحان والقبيح لا يصدر من المولى الحكيم ، ومن باب السببيّة والموضوعية