بمعنى ان دليل الحجيّة يدلّ على وجوب اتباع الامارة والوجوب تابع لمصالح في متعلّقه ، وعلى حرمة مخالفتها ، والحرمة تابعة لمفاسد في متعلقها.
فإذن لا بد ان تكون في اتباع الامارة مصلحة تقتضي وجوب اتباعها سواء أصابت الواقع أم أخطأته ، وهذا يستلزم التصويب الباطل لأنّه إذا كان في اتباعها مصلحة فيجعل الحكم في مؤداها والواقع تابع لمؤداها ، وهذا معنى التصويب الباطل باجماع الامامية (رض).
ولأجل هذين المحذورين اختار الشيخ المذكور قدسسره المصلحة السلوكية وعلى فرض الاصابة ، بمعنى ان العمل على طبق الامارة ذو مصلحة من دون أن تكون طريقا إلى الواقع ومن دون أن يكون مؤداها ذا مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع على فرض الفوت ، وعلى فرض الاصابة ، أو ذا مفسدة على فرض الخطأ حتى يحدث حكم في مؤداها.
فالقول بالطريقيّة يستلزم تفويت المصلحة ، أو الالقاء في المفسدة ، والقول بالسببية يستلزم التصويب الباطل ، ولهذا عدل عنهما واختار البرزخ بينهما ، وهو المصلحة السلوكية ، كما سيأتي تفصيل هذا المطلب إن شاء الله تعالى في بحث حجية الأخبار ، وكذا الفرق بينها ، أي بين المصلحة السلوكية وبين السببية ، وكذا الفرق بين السببية والطريقية سيأتي إن شاء الله تعالى.
قوله : نعم يشكل الأمر في بعض الاصول العملية ...
نعم يبقى إشكال اجتماع الحكمين المتنافيين في موضوع واحد بالنسبة إلى بعض الاصول العملية كاصالة الاباحة الشرعية واصالة الطهارة واستصحاب الطهارة واستصحاب الحلية لأنّها ظاهرة في الحكم بالاباحة والطهارة والحلية سواء كان الحكم بها من جهة المصلحة في الاذن في الاقدام والاقتحام بسبب جعل الاباحة الظاهرية والطهارة الظاهرية والحلية الظاهرية أم كان الحكم بها من جهة المصلحة