وامّا تعبّدا فلأن قصارى ما هو مقتضى حجيّة الامارة كون مؤدّاها هو الواقع من أجل كونها طريقا إلى الواقع وكاشفا عنه تعبّدا وليس مقتضى حجيّتها كون مؤداها ممّا أدّت إليه الامارة التي هي علم تنزيلي كي يصير فعليّا بقيامها عليه.
فإن قيل : أي مانع العقلي ، أو الشرعي موجود عن احراز قيد الموضوع ، وهو عبارة عن جملة أدّت إليه الامارة بسبب قيام الامارة عليه ، والموضوع عبارة عن الحكم الإنشائي.
قلنا : المانع العقلي عن احرازه به ان هذا القيد متأخّر عن قيام الامارة ، لأنّ الامارة ما دام لم تقم عليه لما صدق ان الحكم الإنشائي ما أدّت عليه الامارة فلو كان القيد متقدّما على قيام الامارة على الحكم من جهة كون هذا العنوان جزء الموضوع والموضوع مقدّم طبعا على حكمه ، للزم الدور المحال.
امّا بيان الدور فلأنّ قيام الامارة على الحكم يتوقّف على الحكم من باب توقّف الحاكي على المحكي عنه ، والحكم يتوقّف على قيام الامارة من باب توقّف الحكم على موضوعه وعلى جميع أجزاء الموضوع وقيام الامارة من أجزاء الموضوع ، على الفرض. فالدور محال فأخذ هذا القيد في الحكم الانشائي محال ، إذ استحالة اللازم يستلزم استحالة الملزوم ، كما لا يخفى.
قوله : فافهم ...
وهو إشارة إلى ان قيام الامارة على الحكم الظاهري لو اقتضى ثبوت الحكم الواقعي بوصف كونه ممّا قامت عليه الامارة لا ينفع هذا الاقتضاء في تحقّق فعلية الحكم ما دام لم يقم دليل آخر على ان كل حكم الإنشائي قامت عليه الامارة يصير فعليّا تعبّدا والمفروض عدم قيام هذا الدليل ، إذ الحكم الإنشائي إنشائي إذا لم يبلغ مرتبة الإبلاغ والإعلام لنوع المكلّفين.
فلا يجب الاتيان به وان أدّت إليه سبعون امارة معتبرة وقام عليه سبعون