وخلاصته : ان فعلية الحكم الواقعي بالمعنى المتقدّم أي فعليّته التعليقية بحيث لو علم المكلّف به لصار فعليّا تامّا منجّزا لا تنافي الحكم الظاهري فلا يكون احتمالها منافيا للقطع بالحكم الظاهري الذي هو مؤدّى الامارة المعتبرة والطريق المعتبر ، وقد سبق هذا مفصّلا.
قوله : كما لا يصحّ التوفيق بأن الحكمين ليسا في مرتبة واحدة ...
هذا إشارة إلى وجه آخر لتصحيح الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية ، وحاصله : انّه لا تنافي بين الأحكام المذكورة من جهة اختلافها في الرتبة.
توضيح ذلك : ان موضوع الأحكام الواقعية هو نفس الذات فإنّ الحرمة الواقعية مثلا موضوعها ذات شرب الخمر من حيث كونه شرب خمر ، وامّا الأحكام الظاهرية فموضوعها هو الذات المشكوكة في الواقعي منها. فإنّ الحلية الظاهرية المجعولة بقوله عليهالسلام : «كلّ شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» موضوعها ذات قد شك في حرمتها واقعا وحيث ان الشك في الحرمة الواقعية متأخّر عنها بمرتبة ، من باب تأخّر الشك عن المشكوك فيه ومن جهة تأخّر الحكم عن موضوعه لأنّ الحكم الواقعي موضوع للشك فيقال الحكم الواقعي قد شك فيه.
فالنتيجة : ان الذات المقيّدة بالشك المذكور لا بدّ أن تكون متأخّرة عن الحرمة الواقعية بمرتبتين لأنّ المقيد بوصف تقيّده يكون متأخّرا عن قيده بمرتبة فإذا كان قيده متأخّرا عن الحكم الواقعي بمرتبة كان نفس المقيّد متأخّرا عنه أي عن الحكم الواقعي ، فحكم ذلك المقيّد لا بدّ أن يكون متأخّرا عن الحكم الواقعي بثلاث مراتب ، ومع هذا الاختلاف في الرتبة لا مانع من الاجتماع.
توضيح : مثلا إذا كان شرب التتن حراما واقعا وفي اللوح المحفوظ فالحرمة مترتّبة على شربه وكان موضوعا للحرمة سواء كان المكلّف عالما بها أم كان جاهلا بها.