امّا إذا شككنا في حكمه الواقعي أهو حلال أم هو حرام فقد راجعنا إلى الرواية وهي قوله عليهالسلام : كلّ شيء شكّ في حليّته وحرمته واقعا فهو لك حلال ظاهرا. وهذا مفاد كلّ شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ، بنظر المحقّقين.
وعليه : فالحلية الظاهرية متأخّرة بمرتبة عن موضوعها ، الذي هو عبارة عن الشك في حكمه الواقعي من باب تأخّر الحكم سواء كان واقعيا أم كان ظاهريا عن موضوعه رتبة والشك في الحكم الواقعي متأخّر عن الحكم الواقعي من باب تأخّر الشكّ عن المشكوك فيه بمرتبة.
فالنتيجة : ان الحكم الظاهري ، وهو الحلية الظاهرية ، متأخّر عن الحكم الواقعي بمرتبتين لأنّه متأخّر عن الشك في الحكم الواقعي والشك في الحكم الواقعي متأخّر عن الحكم الواقعي ، فالحكم الظاهري متأخّر عن الحكم الواقعي بمرتبتين فلا اصطكاك بينهما أصلا ولا مانع من اجتماعهما عقلا فلأنّ التنافي بين الضدّين ليس بأعظم من التنافي بين النقيضين.
ومن المعلوم جواز اجتماع النقيضين مع اختلاف الرتبة ، مثلا : طلوع الشمس علّة لوجود النهار وهو معلوله فوجوده وعدمه نقيضان فعدم المعلول الذي هو نقيض المعلول محفوظ في رتبة العلّة ، وكذا عدم العلّة الذي هو نقيض العلّة محفوظ في رتبة المعلول فإذا طلعت الشمس فالنهار موجود فعدمه الذي هو نقيض وجود النهار متأخّر عن وجوده تأخّر المعلول عن علّته ، إذ وجوده علّة لعدمه فهما مجتمعان في رتبة العلّة ، وهي طلوع الشمس ، ولا إشكال فيه لاختلافهما في الرتبة كما ان وجود العلّة وعدمها مجتمعان في رتبة المعلول ، وهو وجود النهار.
فكذا فيما نحن فيه حرفا بحرف ، إذ الحكم الظاهري معلول الشك في الحكم الواقعي وحين الشك في الحكم الواقعي عدم الحكم الظاهري محفوظ في رتبة العلة ، وهي الشك في الحكم الواقعي ، فوجوده وعدمه مجتمعان مع الشك في الحكم