الحاصل من القياس والاستحسان العقلي مثلا ، وان بعضها مشكوك من حيث الحجية وعدمها لنا ، وذلك كالظن الحاصل من الاجماع المنقول ومن الشهرة الفتوائية مثلا ، وتترتّب آثار الحجية من التنجّز للواقعيات عند الاصابة ومن التعذير عند المخالفة ، ومن صحّة المؤاخذة والذم عقلا على مخالفتها واستحقاق المثوبة والمدح عقلا على موافقتها ومن الانقياد على موافقتها والتجري على مخالفتها على الامارة التي تكون معلومة الحجية ، وكما لا تترتّب آثار الحجية المذكورة على الامارة التي ليست بحجّة أصلا.
امّا مقتضى الأصل والقاعدة في الامارة التي تكون حجيتها مشكوكة لنا فالأصل يقتضي عدم حجيّتها ، إذ في ظرف الشك في الحجية وعدم الحجية فالأصل عدم الحجية ، إذ الحجية مسبوقة بالعدم فالأصل بقاء عدمها ما لم يحصل العلم بتبدّله وانقلابه بالوجود ومقتضى الأصل عدم ترتّب آثار الحجية على الامارة التي قد شك في حجيتها لأنّ الآثار أحكام عقلية وموضوعها مركّب من الامارة والعلم ، فالعلم بالحجية جزء الموضوع ، إذ يقال الامارة المعلومة الحجية منجزة للواقع ومعذرة وواجبة الاتباع ومحرّمة الخلاف.
ومن الواضح ان المركّب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه فالعلم بحجيّتها منتفي في صورة الشك بها فإذا انتفى الموضوع انتفى الحكم قهرا.
هذا مضافا إلى ان الامارة المشكوكة الاعتبار ممّا يحرم العمل به شرعا وعقلا ، امّا شرعا فلقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) بل لعموم الآيات الناهية عن اتباع الظن وهي كثيرة في الكتاب المجيد خرج منها الظن الذي علم اعتباره بالخصوص نحو الظن الخاص والظن المطلق بناء على الحكومة ويبقى تحت العموم ما شك في اعتباره وما علم عدم اعتباره نحو الظن الحاصل من
__________________
١ ـ سورة الإسراء ، آية ٣٦.