وعليه : يكون الافتاء بظاهره خلافا للواقع ، إذ يحتمل احتمالا قويّا أن يخصّص العام القرآني ولكن المخصّص موجود في روايات أهل البيت عليهمالسلام وان يقيّد المطلق القرآني والمقيد في الأخبار وان يستعمل لفظه في المعنى المجازي والقرينة الصارفة عليه في أقوال الأئمّة المعصومين عليهمالسلام.
وفي ضوء هذا : فإذا أفتى بعمومه ، أو بإطلاقه ، أو بحقيقته فقد أفتى خلاف الواقع قطعا ولأجل هذا ردع أبو حنيفة وقتادة عن الفتوى بظاهر القرآن لا من جهة عدم كون ظواهره حجّة في حقّ العباد.
وقد اجيب عنه ثانيا بأن اختصاص فهم القرآن بأهله وبمن خوطب به ينافي كونه معجزة ترشد الخلق إلى الحق فلو لم يكن له ظهور يعرفه أهل اللسان لاختل كونه إعجازا.
ومن المعلوم ان العرب كانوا يفهمون ظواهره ، ويعترفون بالعجز عن الاتيان بالمثل ، فمنهم من آمن به واعترف بكونه معجزا ، ومنهم من قال بأنّه سحر عظيم.
هذا ، مضافا إلى انّه قد ورد الأمر عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام بالرجوع إلى الكتاب المبين عند تعارض الخبرين ، بل مطلقا ولو كان القرآن من قبيل الرموز لم يكن معنى محصل للارجاع إليه.
فدعوى كون القرآن من قبيل الرموز التي لا يفهم منها شيء في غاية السقوط ومضافا إلى انّه قد ورد الاستدلال بظاهر القرآن للموضوعات الشتّى ، والأحكام المتعدّدة ، مثلا ولو لم يكن القرآن قابلا للفهم لما كان معنى للاستدلال به ، كما لا يخفى.
وامّا الثانية : فلأنّ كلامنا في ظواهره التي يعرفها أهل اللسان لا في بواطنه التي لا يعرفها إلّا من خوطب به ؛ واشتماله على مضامين عالية لا ينافي ظهوره فإنّه مع اشتماله على معان غامضة دقيقة يعرف أهل اللسان ظواهره ، وهذا واضح لا سيما