وان لم يكن نقل الاجماع اللطفي والحدسي في نظر المنقول إليه مستلزما لرأي الإمام عليهالسلام لا عقلا ولا عادة فلم يكن هذا الاجماع كخبر الواحد في الحجية والاعتبار وفي الحكاية عن قول المعصوم عليهالسلام ، إذ ليس حينئذ كاشفا عن قول الإمام عليهالسلام كما ان الكشف عن قوله عليهالسلام ملاك حجيّته عند الإمامية ، ولا ريب في أن هذا البحث مربوط بالحكاية عن المسبب وهو رأي الإمام عليهالسلام.
وامّا من جهة نقل السبب ، وهو أقوال العلماء (رض) ، فهو في الاعتبار والحجيّة بالنسبة إلى مقدار نقل من أقوال العلماء قدسسرهم ، نقلها الناقل إلى المنقول إليه على الاجمال كأن يقول أجمع العلماء ، أو اتفق الأصحاب وأمثالها.
فهذا مثل نقل أقوالهم على التفصيل في الاعتبار والحجيّة مع لحاظ حال الناقل من جهة كونه من أهل التبحّر والاطّلاع وانّه لا يعتمد على ظاهر كلمات العلماء (رض) ومشايخه في نقل الاجماع ، أو يعتمد على بعض الوجوه والقرائن التي يراها طريقا إلى فتوى جميع الأصحاب قدسسرهم في المسألة.
مثلا : إذا رأى الناقل فتوى الفاضلين ، وهما المحقّق الحلّي والعلّامة الحلّي قدسسرهما والشهيدين والمحقّق الثاني والميرزا الكبير الشيرازي والميرزا النائيني وصاحب الجواهر قدسسرهم ، في المسألة من المسائل فقد زعم الناقل ان رأي سائر العلماء قدسسرهم موافق لرأي هؤلاء المذكورين ، لحسن ظن الناقل بدقّة أنظارهم وشدّة احتياطهم في المسائل وشدّة ورعهم وكمال عدالتهم ، التي هي مانعة عن الاقتحام في الفتوى بلا دليل معتبر وحجّة معتبرة وهي عبارة عن قول المعصوم عليهالسلام ، والمنقول إليه إذا انضمّ إلى قولهم سائر الأقوال والامارات والقرائن فقد حصل السبب التامّ حينئذ للكشف عن قول المعصوم عليهالسلام فقد كان المجموع كاجماع المحصل فيترتّب على الاجماع المنقول أحكام الاجماع المحصّل من الحجية والاعتبار والكشف والمنجّزية والمعذرية ووجوب الموافقة وحرمة المخالفة.