واستدلّ لهم ثالثا بالإجماع المحكي عن السيّد المرتضى قدسسره في مواضع من كلامه ، فالاجماع لطائفة الشيعة قائم على عدم حجية أخبار الآحاد بل في نظرهم ثابت ان العمل بأخبار الآحاد كالعمل بالقياس ، فكما انهم بريئون من القياس ومن العمل به كذلك بريئون من العمل بالخبر الواحد ، فمن شعارهم حرمة العمل بالقياس فجعل العمل بالخبر الواحد كالعمل بالقياس في وصف الحرمة بالإجماع عند الشيعة ، كثّر الله تعالى أمثالها في أقطار العالم.
في جواب المصنّف قدسسره
وامّا الجواب عن الآيات المباركات ، فوجوه ثلاثة :
الوجه الأوّل : ان ظاهر الآيات الناهية المذكورة وغيرها ، وسياقها اختصاص النهي عن اتباع غير العلم ، وهو الظنّ بأصول الدين والعقائد ، ولا يشمل هذا النهي الفروع والأحكام الشرعية نظرا إلى شأن نزولها ومواردها ، إذ بعضها نزل في ذمّ المشركين الذين اعتقدوا بأن الملائكة بنات الله تعالى ، والحال ليس لهم بذلك الأمر علم بل هم يتّبعون الظن فيه.
وبعضها الآخر : نزل في ذمّ النصارى لمّا ظنّوا قتل عيسى بن مريم عليهالسلام (١).
وبعضها نزل في ذمّ المطففين ، إذ ظنّوا الجزاء والبعث (٢).
وبعضها نزل في ذمّ الكفّار الذين قلّدوا آبائهم في اتباع الظن بالإضافة إلى معرفة الحق ، إذ لا بدّ في انتفاع الحقّ من معرفته وعلمه (٣).
وكذا كلّ آية تضمن النهي عن اتباع الظن نزلت في ذمّ الكفّار الذين يتّبعون
__________________
١ ـ كالآية ١٥٧ من سورة النساء.
٢ ـ كآية ٤ سورة المطففين.
٣ ـ كآية ٣٦ من سورة يونس.