فالنتيجة : إن الاستدلال بمفهوم الشرط الذي ذكر في آية النبأ على حجيّة خبر الواحد غير تام كما لا يخفى.
قوله : ولكنّه يشكل بأنّه ليس لها هاهنا مفهوم ولو سلم ان ...
واستشكل ثانيا على الاستدلال بآية النبأ بأنّا لو سلمنا دلالة آية النبأ على حجيّة خبر العادل من جهة مفهوم الشرط ، أو الوصف. أمّا إذا لاحظنا التعليل الذي هو اصابة القوم بجهالة ، فهو يفيد وجوب التبين عن مطلق النبأ الذي لا يفيد العلم سواء كان الجائي به عادلا أم كان الجائي به فاسقا ، إذ تكون العلة معمّما ومخصّصا كقولك لا تأكل الرمان لأنّه حامض أي لا تأكل حامضا سواء كان رمانا أم كان الحامض غير رمان ، وكقولك أكرم زيدا لأنّه عادل أي أكرم خصوص زيد العادل ولا تكرم زيد الفاسق ، فالأوّل مثال المعمّم ، والثاني مثال المخصّص. ففي الآية المباركة التعليل معمّم لأن الخبر العادل لا يفيد العلم فينطبق عليه فإذا وجب التبين عن الخبر الذي جاء به العادل فلا يكون بحجة ، فاشتراك التعليل بين المفهوم والمنطوق يكون قرينة على عدم المفهوم للآية الشريفة ، فيقع التعارض بين المفهوم المقتضي لجواز العمل بخبر العادل وبين التعليل المانع عنه ، ولكن لا ريب في كون التعليل مقدما على المعلّل لكونه حاكما عليه فقد يرفع به أي بالتعليل اليد عن عمومه ، أي عن عموم المعلل ؛ كما في مثل أكرم العلماء لأنّهم عدول أي أكرم خصوص العدول من العلماء ، أو عن خصوصه نحو أكرم زيدا لأنّه عادل ، فإنّه في الأوّل يقتضي التخصيص بالعدول من العلماء وفي الثاني يقتضي التعميم لكل عادل ، بل هو في الأوّل يقتضي التعميم ، إذ هو يوجب إكرام الجهلاء العدول ، وفي الثاني يقتضي التخصيص بحال العدالة فلا يشمل زيدا حال الفسق. فكذا الحال في المقام يقتضي التعميم المنع لخبر العادل أيضا.