وعليه فإذا كان الشرط نفس الموضوع فمقتضى لزوم تعريته عن خصوصية الشرط لزوم تجرد المفهوم عن خصوصية الموضوع ، فيكون المفهوم حينئذ عدم حكم المنطوق ولو في غير ذلك الموضوع ، فيكون المفهوم في المقام عدم وجوب التبين والتفحص عن غير الفاسق إذا لم يوجد خبر الفاسق وهو المطلوب.
فالنتيجة ان القضية الشرطية في الآية الشريفة وإن كانت مسوقة لبيان تحقق الموضوع ففي هذا الفرض كانت ظاهرة في انحصار موضوع وجوب التبين في النبأ الذي جاء به الفاسق نظرا إلى أن مقتضى إطلاق الشرط. انحصار سبب وجوب التبين في فسق المخبر إذ لم يقيد الشرط بكذب الفاسق المخبر. فيقتضي الانحصار المذكور انتفاء وجوب التبيّن عند انتفاء النبأ الذي جاء به الفاسق ، وعند وجود موضوع آخر وهو النبأ الذي جاء به العادل ، وهو المطلوب.
فتحصل ممّا ذكر أن المصنّف قدسسره قد أجاب عن الإشكال الأوّل الذي ، أورد على الاستدلال بآية النبأ لحجية أخبار الآحاد بجوابين ، كما قررا تفصيلا.
قوله : فتدبّر ...
وهو إشارة إلى أنّ المفهوم نقيض المنطوق ، فلا بد أن يكون الجزاء الذي ذكر في المنطوق ونقيض الجزاء الذي هو ثابت في المفهوم ثابتين لموضوع واحد ، مثل أكرم زيدا إن جاءك. فوجوب الإكرام بشرط تحقق المجيء وحرمة الإكرام بشرط عدم تحقق المجيء ثابتان لزيد فقط. أمّا بخلاف الآية المباركة فإنّ وجوب التبين ثابت لنبأ الفاسق ، وعدم وجوب التبين ـ الذي هو نقيض الجزاء الذي ذكر في المنطوق ـ ثابت لنبأ العادل.
ومن الواضح أنّ نبأ العادل غير نبأ الفاسق لتعدد القيد ، أي قيد الموضوع وهو العادل والفاسق ، وهو يدلّ على تعدد المقيد وهو النبأ. وعلى ضوء هذا فلا ينطبق قانون المفهوم هنا كما لا يخفى على المتأمل.