للوجوب هو النبأ ، ولكن مجيء الفاسق به شرط وجوب التبين عنه.
وعليه فلا تكون مسوقة لبيان تحقق الموضوع أي إذا جعلنا موضوع وجوب التبيّن في الآية الشريفة ، مجيء الفاسق بالنبإ ، فالقضية الشرطية مسوقة لبيان تحقق الموضع ومفهومها يكون سالبة بانتفاء الموضوع ، أي إذا لم يجيء الفاسق به فلا يجب التبيّن عنه ، نظير مفهوم قضية شرطية إن رزقت ولدا فاختنه ، أي إن لم ترزق ولدا فلا تختنه. فالموضوع للوجوب أي وجوب التبين مركب حينئذ من أمرين : أحدهما هو النبأ ، والآخر هو مجيء الفاسق به ، فإذا انتفى الثاني انتفى الموضوع رأسا ، لأن المركّب كما ينتفي بانتفاء جميع أجزائه كذلك ينتفي بانتفاء أحد أجزائه.
وأمّا إذا جعلنا الموضوع نفس النبأ بما هو نبأ ومجيء الفاسق به شرط وجوب التبين عنه فلا يرد إشكال حينئذ ، إذ يصير حاصل المعنى المنطوقي إذا جاء الفاسق بالنبإ فيجب التبين عنه ، أو يجب التثبت حتى يتبين صدقه وكذبه. ويصير حاصل المعنى المفهومى إذا لم يجيء به الفاسق ، فلا يجب التبين عنه ، أو لا يجب التثبت ، فيكون النبأ موجودا ولكن شرط وجوب التبين عنه وهو مجيء الفاسق به مفقود فيرجع حينئذ إلى قانون إذا فات الشرط فات المشروط.
فالنتيجة إذا جاءكم العادل بالنبإ فلا يجب عليكم التبين بل يجب عليكم القبول وهو معنى الحجية ، وهي مطلوبة ؛ فالاستدلال بها تام لا يرد عليه إشكال.
قوله : مع أنّه يمكن أن يقال أن القضية ولو كان مسوقة ...
ومن الواضح أنّه يجب أن يكون المفهوم متّحدا مع المنطوق في جميع الخصوصيات المذكورة في القضية من موضوع ومحمول ومكان وزمان وإضافة وجزء وكل وقوة وفعل وشرط. لكن يجب أن يعرى المفهوم عن خصوصية الشرط فيكون المنطوق ثابتا في حال الشرط ، والمفهوم ثابتا في غير حال الشرط.