سياق الكلام وبحسب متفاهم أهل الفن والذوق والتحقيق وأهل العرف ، فإنّ الظاهر من قولك إن جاءك زيد فأكرمه ، ان الموضوع لوجوب الإكرام هو زيد ومجيئه ممّا علّق عليه الحكم ، وهو وجوب الإكرام. وينعكس الأمر فيما إذا قلت إن كان الجائي يوم الجمعة زيدا فأكرمه ، فإن الظاهر منه إن الجائي هو الموضوع وكونه زيدا فقط شرط لوجوب إكرامه. وهكذا في سائر الموارد والأمثلة.
إذا عرفت ذلك فقد ظهر لك أنّ الشرط في الآية المباركة بحسب التحليل مركب من جزءين : أحدهما النبأ والآخر كون الآتي به فاسقا ويكون النبأ موضوعا للحكم المذكور في الجزاء ، وهو وجوب التبين ، لتوقف الحكم على النبأ عقلا من باب توقف الحكم على موضوعه ، فلا مفهوم للقضية الشرطية بالنسبة إلى النبأ لأن النبأ موضوع وليس بشرط كي يكون له مفهوم ، والجزء الآخر وهو كون الجائي به فاسقا مما لا يتوقف عليه الجزاء عقلا ؛ فتدل القضية على المفهوم بالنسبة إليه ، أي إلى الجزء الآخر ، ومفاده ـ أي مفاد جزء الآخر ـ عدم وجوب التبين عنه عند انتفاء كون الجائي به فاسقا وهو المطلوب.
قوله : فافهم ...
وهو إشارة إلى أنّ الموجبة بانتفاء الموضوع ممتنعة ، إذ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له. أعني منه الموضوع ، وعليه فلا مجال لدعوى المفهوم في هذا المقام أصلا ، إذ وجوب التبين كناية عن عدم حجيّة خبر الفاسق فكأنّه قيل إن جاءكم فاسق بنبإ فخبره ليس بحجة ، وحينئذ فمفهوم الجزاء يكون موجبة بانتفاء الموضوع أي إن لم يجئكم فاسق بنبإ فهذا النبأ حجّة وهو ممتنع ، إذ ليس النبأ بموجود كي يحمل عليه عنوان الحجية.
قوله : نعم لو كان الشرط هو نفس تحقق النبأ ومجيء الفاسق ...
قد مرّ في الجواب عن الإشكال الوارد على الاستدلال بآية النبأ أنّ الموضوع